هل تتساوى حرية التعبير الصحفي مع الوصاية على ممارستها ياوزيرنا في الاتصال ..؟!
حسبك اللـه ياوزيرنا في الاتصال، الذي يريد أن يؤرخ تجربته الحكومية في هذه المشاريع القانونية التي صاغها في مدونة الصحافة والنشر التي يريد أن تصبح ذات مصداقية دستورية .. وما الذي سيمنعه من ذلك، حينما وجد من يضرب معه على طبول الحرب، ليفرض المنظومة التي يصفها بأنها إنجاز تاريخي ذو أبعاد ديمقراطية، وليذهب معارضوها إلى البحر .. فما ارتاح إليه وزيرنا في الاتصال ضمن أحلام اليقظة التي يبشر بها حتى يتمكن إعلامنا وصحافتنا من القدرة على مواجهة تحدي مجتمع المعرفة التقني، ويتمكن من منافسة أرقى الدول في المجال الإعلامي والصحفي.
هكذا تكون الفحولة الحكومية ياوزيرنا في أمة الصحافيين والإعلاميين، التي لا يزال يتعاقب عليها من يفتكون بها بقوانينهم التي تستهدف أكسجين الحرية الذي يوجه ممارستها المهنية.
إننا معشر الفاعلين، لا نقدر مؤهلات وزيرنا المحترم، الذي يريد أن يحقق رقما قياسيا عالميا في تأهيل المشهد الصحفي والإعلامي بمدونته، التي لم يستطع من سبقوه إلى حمل حقيبة الاتصال إلى فرضها بهذه الغزوة، التي تعتبر مدونتها آخر ما توصل إليه فقهاء القانون والمالكون للتجربة المهنية التي تساعدهم على ذلك .. وهذا ما ترجمته اللجنة العلمية الموقرة التي تألفت من الهيئات النقابية المقربة من السيد الوزير، مع من استجابوا إليه من المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وبعض جمعيات المجتمع المدني ذات الصلة.
لا نعرف في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، كيف نفرق بين مبدأ حرية التعبير وتقنين ممارستها، إلا أن هذه الجملة الأخيرة تعني أن حرية التعبير لا تمارس بالحرية المطلقة .. وبالتالي، أن من يعتقد في تطبيق منظومة حقوق الإنسان الكونية، أو ما نص عليه دستور الوطن، وما دعا إليه جلالة الملك باستمرار لتكريم رجال ونساء الصحافة والإعلام، وتمكينهم من القدرة على ممارسة دورهم الإخباري والرقابي مجرد كلام للاستهلاك، وتلميع للواجهة فقط لدى من يوجد على رأس الوصاية .. والأغرب، أن التقنين الذي يطالب به السيد وزير الاتصال يمكن أن يفرضه على موظفيه في الوزارة وفي وسائل الإعلام التابعة له وطنيا وجهويا، أما أن يفرض ذلك على الإعلام المستقل، فهذا يتناقض مع ما يجب أن يتمتع به هذا الإعلام وهذه الصحافة المستقلة من حرية واستقلالية، علما أنه في الدول الديمقراطية تعمم هذه الحرية والاستقلالية على إعلام الدولة كذلك، ناهيك أن ازدهار المشهد الصحفي والإعلامي مرتبط دائما بمساحة الحرية في التعبير والنقد والمساءلة.
لا أحد يختلف معك ياوزير الاتصال في تأهيل وتنظيم وتقنين وسائل الإعلام التابعة لوزارتك، وهذا ما لم تقم به، ولم يظهر في مدونة الصحافة والنشر التي خصصتها للصحافة الورقية والإلكترونية والقنوات الإذاعية المستقلة والخاصة، ولو كنت تبحث عن من يساعدك على الارتقاء بالمشهد الإعلامي والصحفي الوطني فأهل مكة أدرى بشعابها، ولو ترجمت المقاربة التشاركية حقا، ما كان للمشروع الذي تنوي الحصول على مصادقة البرلمان عليه، أن يحتج عليه الفاعلون بما فيهم الذين شاركوا في أعمال اللجنة العلمية .. ونعتقد في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أنه لا يزال بالإمكان تصحيح الأخطاء في المنظومة القانونية وفي القانون المنظم للمجلس الوطني للصحافة، إن كانت تساوركم نفس الانشغالات والتصورات التي توجه عموم الفاعلين في المشهد الصحفي والإعلامي الوطني .
“واللـه عين الحسود فيها عود” ياوزيرنا في الاتصال عن مبادرتك التشريعية التي تهدد مصالح الفاعلين في الصحافة والإعلام التي نجحت في صياغتها في أقرب وأقصر مدة زمنية، ولا تحتاج إلا إلى موافقة مجلس النواب بغرفتيه عليها، أما باقي من يرفضونها بما فيهم المقربين منك، فلا أمل لمعارضتهم التي لم تأت بجديد، مثل رزمة مواقف المعارضة البرلمانية التي تمكن رئيس حكومتنا المحترم من هزمها في الانتخابات الجماعية والجهوية، وحسب اعتقاده المرحلي سيفعلها في الانتخابات التشريعية المقبلة، ومن حقك أيضا أن تبرز مواهبك يا وزير الاتصال حتى يكون لك مكان في الحكومة المقبلة عبر هذا الاجتهاد القانوني الأسطوري الذي توصلت إليه.