وحدها الفلاحة يمكن أن تكون قاطرة للاقتصاد الوطني
إن كنا متحمسين لاستعجال تطور السياسة الحكومية في قطاع الفلاحة، فهذا لا يعني بالضرورة الدعاية المجانية لوزيرها أخنوش الذي فرض نفسه وعطاؤه في الفريق الحكومي، فأعماله والخطط التي يسهر عليها تشفع له قبل أي دعاية صحفية، لكن ما يحفزنا هو ما يمتلكه الوطن في قطاع الفلاحة من إمكانيات هائلة، يستطيع من خلالها تحقيق ما عجز فيه في باقي قطاعات الاقتصاد الوطني، ويكفي أن توسيع الرقعة الزراعية وتحسين الدورة الزراعية عليها، وتطوير تقنيات الإنتاج وتنويع الأسواق ودعم الفلاحين على التوسع في الزراعات الاستهلاكية والتسويقية من شأنه الزيادة في مداخيلهم، وتوسيع استثماراتهم ورفع نسبة التشغيل في العالم القروي، وخلق المراكز الإنتاجية القادرة على المنافسة الخارجية إنتاجا وجودة وتسويقا.
طبعا، هذه الإنجازات لا يمكن أن تولد من فراغ في نظرنا في جريدة المستقلة بريس، فتوسع الرقعة الزراعية تتطلب استصلاح الأراضي وملاءمة المزروعات للتربة والمناخ، والارتقاء باللوجستيك الزراعي وتحسين وضعية المزارعين، والقضاء على تجزئة الأراضي وتوسيع الإنتاج الزراعي التعاوني والمقاولاتي، وهذا ممكن الوصول إليه بتعبئة الوسائل المتاحة على مستوى توفير الأسمدة والبذور والآلات الفلاحية التي تتطلبها الزراعة، وتحفيز المنتجين بالقروض والزيادة في أسعار المحاصيل لتوطين الفلاحين، وتوسيع المساحة المسقية باستخدام أحدث التقنيات لترشيد استخدام مياه السقي، وتعميم التأطير والإرشاد الفلاحي في كل الزراعات المرتبطة بالاستهلاك الغذائي والإنتاج الصناعي التحويلي الداخلي والخارجي.
سيطرح البعض تركيزنا على القطاع الفلاحي للنقاش في غير موضوعه، كأننا ضد تطور باقي الأنشطة الاقتصادية الأخرى، بينما اهتمامنا ينحصر فقط في ضرورة العناية بأهم نشاط اقتصادي ممارس في أكبر مساحة جغرافية في الوطن، ويشمل النشاط الزراعي وتربية الماشية والنشاط الغابوي الذي يتيح أكبر الفرص للتشغيل، وتقليص الهجرة القروية .. وتوطين السكان إذا ما اتجهت السياسة الحكومية فعلا إليه بالمتابعة والتمويل والتأطير والتحديث والتجهيز، انطلاقا من الآفاق الرحبة التي يمنحها لتحقيق حاجيات الوطن الاستهلاكية، ومضاعفة الصادرات إلى الخارج، وتوفير فرص العمل .. وفي هذا الإطار، ليس أمامنا إلا دعم مشروع المغرب الأخضر الذي يشرف عليه وزير الفلاحة ويحقق فيه موسما بعد آخر النتائج الإيجابية، سواء في الإنتاج الزراعي أو الحيواني .. ولعل ارتفاع المحاصيل الزراعية الأساسية ومحاصيل زراعة النباتات الزيتية والحوامض والخضر والفواكه الجافة، وحصة الصيد البحري تؤهل هذا المشروع للتنويه به، خاصة بعد اتضاح نتائجه المباشرة في زراعة المساحة المستغلة، أو رفع الإنتاج وتنوعه وخلق فرص العمل القار والموسمي، نتيجة ارتفاع الطلب الداخلي والخارجي، وبذلك يكون اهتمامنا بالقطاع الفلاحي في محله، نظرا للنتائج الملموسة التي يحققها رغم كل المعوقات التي يواجهها حتى الآن .. وليس بإمكاننا إلا أن ننوه بتدبير الوزير أخنوش الذي ترجم قدرته في هذا القطاع بالملموس، خلافا لما يطرح به خصومه داخل التحالف الحكومي وخارجه، ومن المؤكد أنه سينجح رغم الرهانات المضادة التي يروجونها .. وما أحوج المغرب إلى نموذجه في باقي القطاعات الحكومية الأخرى.