الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد والحفر في ذاكرة اليسار الجريح ..!
فعلت خيرا جريدة المساء، التي استضافت الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد في ندوتها الأسبوعية مع إذاعة إم . إف . إم، لتقييم أداء حزبها في استحقاق 04 شتنبر 2015، وطبيعة مشروعها اليساري الجديد الذي يحمل عنوان ” الخط الثالث “، ومساهمتها ضمن وفد اليسار المغربي، في الحوار مع اليسار السويدي، حول قضية الوحدة الترابية، ومن ردودها على محاوريها الزميلين لمشكح والكيراوي، تبين المضمون الذي كانت تتردد في الإفصاح عنه من قبل، ومستوى أدائها الانتخابي وموقفها من المشهد السياسي الوطني، ورؤياها النقدية اتجاه النظام السياسي، ووظائف باقي الفاعلين الحزبيين والنقابيين والمدنيين، وكيف تنظر لمستقبل الفعل اليساري في الوطن.
ما حرضنا للحوار مع الأمينة العامة في حوارها المنشور في عدد 16 نونبر الجاري، في جريدتنا المستقلة بريس، وبعيدا عن لغة البوليميك المتهافت والمتخشب، هو منهجية الحوار والإجابات القصيرة عن الأسئلة الذكية التي طرحت عليها وحرصها على الانفلات من الوقوع في الأخطاء في مضامين الأجوبة، وهي منهجية المناضل العارف بطبيعة المواقف المطلوبة منه اتجاه الأسئلة الملغومة التي تحتاج إلى الخبرة والمعرفة والقدرة، وهي صفات تتميز بها الأمينة العامة وسط حزبها وعامة مناضلي اليسار.
إننا لا نختلف عن بعض أقوالها كتصوات مشتركة مع بقية مناضلي اليسار في أن هذا الأخير لا يزال دون النضج التنظيمي والإيديولوجي والنضالي الذي يؤهله لخوض المعارك الانتخابية، والقدرة على النجاح فيها تبعا لطبيعة ميزان القوى مع القوى التي يصارعها .. وبالتالي، أنه في حاجة إلى إغناء مرجعيته وثقافته وآليات اشتغاله وأنماط تواصله مع الفئات الاجتماعية التي يدعي النضال من أجلها، وما يجمع أطرافه المتصارعة على أكثر من صعيد، وغياب مشروع الوحدة والقيادة المرحلية التي تمكنه من تحويل المعارك السياسية والانتخابية لصالحه ضد خصومه.
لسنا في جريدة المستقلة بريس، مع نقدها اللاذع لتجربة حكومة التناوب التوافقي التي قادها الاتحاد الاشتراكي، والتي اعتبرتها تجربة كارثية على اليسار في المغرب، حيث لم توضح في أجوبتها حقيقة هذه الجوانب الكارثية ارتكبتها حكومة التناوب الأولى، ولم تبين حقيقة ما قدمته بقية أحزاب اليسار التي لم تشارك فيها حتى لا تكون هذه الحكومة كارثية على اليسار عموما، ناهيك عن ضعف جوابها حول أسباب مقاطعة حزبها لعدة انتخابات، وسرعة مشاركتها في استحقاق الرابع من شتنبر 2015، وهل كان على اليسار انتظار وجود ضمانات النزاهة وحياد الدولة حتى تكون مشاركته فعالة، وتجربة انتخابية ناجحة بالإضافة إلى تعميمها لحقيقة اليسار في مجموع المغاربة دون تحديد لهويتهم الطبقية ونموذج الوعي المطلوب منها حتى يحقق اليسار الذي تمثله الانتصارات على أعدائه ..؟
من الكبائر التي لا يجب الوقوع فيها، أن يحاول من يعتقد أنه يمثل النخبة، اللجوء إلى التغليط والكذب المفضوح، والهديان المرضي في وصف الأمور والقضايا التي تخلص المجتمع من عدم القدرة على معرفتها بالأسماء المتداولة عنها، كالتهرب من تحمل المسؤولية التاريخية، وسوء النوايا من المواقف المعبر عنها في زمنها، وفي الأحداث التي تتعلق بها والتظاهر بالمظلومية لتبرير الذمم وشرعنة الأخطاء في المواقف والأفعال التي أصبحت جزءا من الماضي، ومحاولة اتهام الآخرين لتلميع الذات كهذا الذي توصف به تجربة حكومة التناوب التي كانت كارثية على اليسار المغربي، والحكومة التي نجحت بالتدين والتصدق على فقراء الوطن في الحملات الانتخابية، والتي منحتها تظاهرات الربيع العربي الذي لم تشارك في تظاهراته، وفشلها في تدبير الشأن العام ببرنامجها الانتخابي الوفي لنصائح صندوق النقد الدولي، ناهيك عن الاتهامات الرخيصة للدولة العميقة والنظام المخزني ودوائر التحكم وحكومة الظل باستمرار الظواهر التي تحول دون الديمقراطية والعدالة واحترام حقوق الإنسان، مع أن واقع المرحلة تكذبها شهادات دول الجوار، وما يسهر عليه جلالة الملك محمد السادس شخصيا، وهذا ما يؤكد عجز الأمينة العامة على ممارسة النقد الموضوعي والرهان على رزمة الانتقادات التي عفا عنها الزمن، وتستوجب من أصحابها إعادة النظر من منهجية تواصلهم مع الواقع المغربي، وغسل نظاراتهم التي لم تعد تتلاءم مع أمراض الحول و”الجلالة” المتوطنة في عقولهم وعيونهم.
لن نساير شطحات الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد التي كانت تريد أن تتهرب من الاعتراف بتجارب الفشل التي مني بها اليسار في أكثر من محطة نضالية سياسية ونقابية، وتبقى نقطة الضوء الوحيدة التي نوافقها عليها شكلا ومضمونا، والمتعلقة بقضية الوحدة الترابية التي لا يختلف المغاربة في الموقف الوطني منها، وما يجب أن يقدم لتحصين المكاسب التي حققها الوطن حولها، وخاصة الإجماع الوطني حول النتائج المحصل عليها حتى الآن، وضرورة استمرار التعبئة لحماية عدالة مصالح الوطن من مناورات خصومنا اتجاهها.