صفات الداعية في الإسلام
إذا كان الرفق واللين صفة من صفات المسلمين المؤمنين، وسمة من سمات حياتهم، فإن أولى الناس تمسكا بهذه الصفة والتزاما بهذه السمة هم الدعاة .. لأن الداعية طبيب يعالج النفوس .. وأب يحنو على أبنائه وبناته .. ومعلم يعلم الناس الخير والهدي والرأي السديد .. والطبيب لا يمكن أن يرجو لمرضاه غير العافية .. والأب لا يمكن أن يغمر أبناءه وبناته بغير البر والحنان والرحمة .. والمعلم لا يمكن أن يرضى لطلابه غير النجاح والرأي الصائب والفكر المستنير .. ومما يدل على ذلك، أن صفة الرفق هي من صفات اللـه عز وجل، وقد قال فيها النبي صلى اللـه عليه وسلم : ” إن اللـه عز وجل ليعطي على الرفق ما لا يعطي على الخرق، وإذا أحب اللـه عبداً أعطاه الرفق”.
إن الداعية الذي يحسب أن تجهم الأسارير وعبوس الوجوه من تمام الرصانة وشروط الاتزان، داعية تنكب الطريق وأساء فهم قواعد الدين وأصول الدعوة، لأن التبسم في وجه الناس صدقة يثاب عليها .. وفي هذا الصدد، فقد قيل أن ابتسامة السجان للسجين في وحدته خلف القضبان أمر تقتضيه العلاقات الإنسانية والأعرف البشرية كي يقوم بين الناس مودة، وينشأ بينهم تواصل عاطفي، خاصة وأن السجان يؤدي وظيفة كلف بأدائها دون أن يكون له في حجر حرية السجين رأي، أو أن يكون علاقة بذلك القرار، ودفء المودة والرفق في المعاملة الحميدة سمة من سمات المجتمع الإسلامي التي يتميز بها عن غيره من المجتمعات على وجه الخصوص .. كما أن النطق بالكلمة الطيبة أو التعامل مع العباد برفق بلسم يؤجر عليه .. وهمسة المودة أو إسداء المعروف عمل يتعبد به الداعية إلى اللـه، وكل ذلك يشكل مفاتيح لمغاليق القلوب، وسفراء لدى النفوس السوية التي تستجيب لدعوة الخير إذا صدرت عن داعية يحسن معاملة الناس ويعرف كيف يمد بينه وبينهم الجسور ويقيم بينه وبينهم الصلات الحميمية والعلاقات الودية .. امتثالا لقول اللـه تعالى : ” ادْعُ إِلَى سَبِيل رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ”
فالناس عامة في حاجة إلى القلب الرحيم الذي يتوفر صاحبه على الرقة واللين، كما أنهم يمقتون العنف وينفرون من أصحابه.