هل هذا سراب السياسة، أم سياسة السراب ..؟
عبد الله عزوزي
ترى، ماذا عساها تكون السياسة ..؟ هل هي عرف، أم تقاليد أم علم أم ثقافة أم قانون أم تداول على المسؤولية أم على السلطة ..؟ هل هي صناعة احترافية أم فبركة سحرية، هل هي واقع ملموس أم مجرد سراب هارب ..؟ هل يصنعها الغير أم تصنع ذاتها بذاتها ..؟ هل شأنها يهم أهلها أم يهم غيرهم ..؟ هل السياسة ألاعيب و علم ” التحراميات”، أم أخلاق النبل والمعقول ..؟ هل هي ترف، أم ضرورة ..؟ هل لها كرامة ونخوة أم هي مجرد “بائعة هوى” تنتهي بجنب من يدفع أكثر (حاشا القراء الكرام) ..؟ هل لها كرامة فتكن صمام أمان البلد أم أن غيابها كوجودها و وجودها كغيابها ..؟ وهل السياسة في حاجة إلى أن تذكر ممارسيها بأنها تحرق الأوطان بجمرتها ..؟
في إجاباتنا على هذه الأسئلة، هل سنستشهد بالعرب أم بالعجم، هل بالديموقراطين، أم بالجمهوريين، هل بالوحدويين أم بالانفصاليين، هل بفلاسفة العلوم الاجتماعية أم بمنظري العلوم السياسية ..؟
يقول مهاتما غاندي” يوجد سبعة أشياء تدمر الإنسان: السياسة بلا أخلاق، المتعة بلا ضمير، الثروة بلا عمل، المعرفة بلا قيم، التجارة بلا أخلاق، العلم بلا إنسانية، والعبادة بلا تضحية”؛ وتقول مارغريت تاتشر ” في السياسة عندما تحتاج إلى الكلام، إسأل الرجال، وعندما تحتاج إلى الأفعال فاسأل النساء” ويقول منصف المرزوقي” يمكننا الجزم بأن المجتمع بعائلته ومدرسته وثقافته، يتحمل المسؤولية الكبرى عن بلورة نظام سياسي قاده ولا يزال بخطى ثابتة نحو الهاوية “، و يقول الأستاذ عبد الإلاه بنكيران” لا يهم أن يكون لديك حزب قوي في وطن ضعيف.. مستعدون لكي نفقد شعبيتنا مقابل أن يفوز الوطن”، في حين يقول السفهاء من القوم ” لا داعي للعمل السياسي والإشعاعي، وليس عندنا ما نؤطر به المواطن (ففاقد الشيء لا يعطيه)، فالانتخابات بالنسبة لنا تحسم خلال الحملة الانتخابية، وخاصة ليلة يوم الاقتراع. انتهى الكلام” .
لقد عاش الجمهور المغربي مع مسلسل انتخابي شيق، انطلق يوم 03 يونيو وسيبلغ أوجه بعد يومين أو ثلاثة (02 أكتوبر). فباستثناء يوم واحد، هو يوم الرابع من هذا الشهر، الذي رفع فيه المغرب رأسه عاليا، و جرى ذكر الاستثناء المغربي بكل احترام و إكبار على كل لسان وقناة، وخيل فيه للمواطن المغربي أنه أصبح من حقه أن لا تخطئه التقارير والأبحاث حول الديموقراطية، فإن ما تلا ذلك اليوم هو سراب لا نقدر على مجاراته و لا على الإمساك به. سراب انطلق مع انتخابات رئاسيات الجهات، و برؤساء مجالس العمالات والأقاليم. إن الأحاسيس الممسكة بقلوب المواطنين حاليا، خصوصا المناضلين منهم، شبيهة بمشهد قرويين يتابعون بغلة تلد حصانا، أو بحالم بجرة لبن، فمكسرها. هناك صدمة وهناك حرق للثقة المكتسبة، بل هناك مقامرة برصيد و طن وتبييض لرصيده من الديموقراطية الصعبة.
فكيف لمواطن أن يثق في السياسة ويتعبأ للانخراط فيها، وكيف لمناهج وزارة التربية أن تنجح في مهمتها المعنونة ب “بناء مواطن صالح و مسؤول، قادر على الاختيار، ومتفاعل في محيطه” وهو (المواطن) يرى أن السياسة مجرد سراب يبدأ بصناعة صناديق الاقتراع؛ يطل ذات المواطن فلا يرى شيئا، وعندما يرفع عينه للسماء يرى أحزابا قد ولدت من لا شيء، في حين فعلت بالمواطن كل شيء.
ففي هذه الأثناء، وفي غيابك أيها الناخب المقتدر، وثقتنا فيك أنه لم يضحك عليك ب 200 درهم، المسمى جورا ناخبا قزما، يتفاوض باسمك مع السماسرة الكبار. ها أنت تُركت وحدك أعزل، إلا من دريهمات، تواجه ضغوط السوق، في حين يبيع ممثلوك أنفسهم بمئات الملايين .. فهل تصدق أنه من أجل هذا وجدت الديموقراطية ..؟