من يتابع هذه الأيام الحملة الإشهارية للانتخابات الجماعية والجهوية التي ستجري في 04 شتنبر 2015، يلاحظ عن قرب مدى غياب الحضور الحزبي والنقابي في هذه الحملة الدعائية، كأن هذه الأحزاب والنقابات تحظى بالشعبية ودعم الناخبين الذين سيلتفون حول برامجها الانتخابية من خلال مشاركة مكثفة في الانتخابات، وأنه يكفي الدعاية الإعلامية المرئية والمسموعة لدعوة الناخبين إلى يوم الاقتراع .. وبالتالي، أن لا خوف على مصداقية الأحزاب والنقابات في الانتخابات الجماعية والجهوية المقبلة، وأن المسلسل الانتخابي أصبح متداولا ومعروفا من قبل الناخبين الذين يعرفون من سيصوتون عليه في هذه الانتخابات .
عندما نطرح في عنوان هذا المقال الملاحظة على دور الأحزاب والنقابات في الحملة الوطنية للمشاركة في الانتخابات الجماعية والجهوية، فإننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، نتحدث عن ما يجب أن يكون عليه أداء هذه الأحزاب والنقابات المعنية بهذه الحملة الوطنية، انطلاقا من أنها تمثل الطرف الأساسي الذي سيكون عليه نجاح أو فشل الانتخابات الجماعية والجهوية، وانطلاقا أيضا من ما أصبح عليه الرأي العام الوطني اتجاه مشاركة هذه الأحزاب والنقابات في المسلسل الانتخابي والديمقراطي، الذي يتراجع إلى الوراء، مما سيهدد شرعية ما تراكم في الوطن حتى الآن، وسيوفر أسباب ضعف مشاركة المواطنين، وهذا ما يدعو إلى طرح التساؤل حول محدودية وتواضع الأداء الحزبي والنقابي في هذه الفترة التي تسبق تاريخ الانتخابات المقبلة.
على نقيض هذا الوعي الذي يمكن أن تحظى بالشرعية، فالنقابات والأحزاب في مشهدنا الوطني تكاد تكون قد فقدت كل ما يربطها بالمواطنين، وأصبحت في خبر كان، نتيجة سوء تواصلها وتفاعلها مع قضاياهم وهمومهم، ولا تمتلك ما يساعدها على تحقيق التواصل والتفاعل معهم، وأن جميعها لم تؤطر علاقاتها مع قواعدها وأنصارها، وأنها تفتقر في الظرف الراهن إلى ما يسمح لها بالتحرك الحزبي والنقابي، فبالأحرى الانتخابي، وأن شرعية وجود الكثير منها في الحضيض، ولا تتوقع أن تنجح أثناء الحملة الانتخابية في تحسين نسبة التأييد وسط الناخبين على برامجها الانتخابية، وعلى لوائح المرشحين الذين سيمثلونها في الانتخابات الجماعية والجهوية، وهذا ما يفسر تراجعها في الحملة الدعائية التي تقوم بها الدولة اليوم.
نحن في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، نعي الحجم الحقيقي لحضور الأحزاب والنقابات، وما تعانيه من تحديات لتلميع وتحسين وجودها لدى المواطنين، الذين أصبحوا أكثر وعيا بالأداء الحزبي والنقابي الهزيل، وبما لا تستطيع الأحزاب والنقابات القيام به، سواء بالنسبة للانتخابات أو بالنسبة للمهام الدستورية المعنية بها اتجاه المواطنين، الذين فقدوا الثقة في نموذج الاشتغال الحزبي والنقابي في المؤسسات الجماعية والحهوية، رغم كل خطوات الإصلاح القانوني والتنظيمي التي يجري إنجازها قبل الانتخابات، ومن حقهم أن يتساءلوا عن السلوك المتواضع الذي تتعامل به الأحزاب والنقابات قبل إجراء الانتخابات، حيث لا يتوقع أن تحظى بالثقة التي يتطلع إليها عموم الناخبين، سواء كانت من أحزاب الأغلبية أو المعارضة.
مرة أخرى، نقول لهذه الأحزاب والنقابات، كفى من العبث بما يجب أن يكون عليه سلوككم في أجندة الانتخابات التي انخرط فيها الوطن، وأن مسؤوليتكم في نجاح أو فشل العملية الانتخابية كبيرة، انطلاقا من مراجعة الأخطاء وتصحيح الوعي والاستعداد المطلوب لتفادي تزايد النفور لدى الناخبين من أدائكم الباهت والهزيل في هذه المؤسسات الجماعية والجهوية، ومن أن الضرورة تقتضي منكم العمل على المشاركة في حملة التعبئة لهذه الانتخابات، التي نتمنى أن تكون متقدمة في كل مراحلها، وأن تسمح للناخبين بالتعرف على الجهود التي يجب أن تبذل من قبل الأحزاب والنقابات للرفع من مستوى ثقة المواطنين في أدائهم بصفة عامة.
للعلم والذكرى، فالعملية الانتخابية في الوطن لا زالت في حاجة إلى أداء هذه الأحزاب والنقابات التي يمكن المواطنين من رفع وعيهم السياسي ومستوى ممارستهم لحقوقهم الدستورية من جهة، والسماح لهم عبر هذه الانتخابات من تجديد النخب التي تنوب عنهم في المؤسسات الجماعية والجهوية والبرلمانية .. فهل ستكون هذه الأحزاب و النقابات في مستوى التحديات التي تواجهها وقادرة على ترجمة تطلعات المواطنين في حياة ديمقراطية نزيهة وفاعلة ومواطنة ..؟
زر الذهاب إلى الأعلى