سيعرف المسلسل الانتخابي المقبل، الذي تدشنه الانتخابات الجماعية والجهوية صراعا قويا بين الأطراف المتنافسة فيه حول البرامج الانتخابية، خصوصا التي تعتقد أن الشارع المغربي لا يزال يدعمها، سواء من الأغلبية أو المعارضة، وسينحصر التنافس بين من سيدعون ويروجون أنهم يملكون البرامج الانتخابية الأكثر واقعية وفاعلية، ناهيك عن من لا يزال مصرا على تصوره وبرنامجه الذي لم يتجاوب مع الناخبين في الاستحقاقات السابقة.
إن ما يهمنا في مسألة البرنامج الانتخابي، هو ما الذي ستقدمه الأحزاب المتنافسة، خصوصا أحزاب الأغلبية المعنية بالحفاظ على ما حققته في الانتخابات السابقة، كحزب العدالة والتنمية الذي يقود الأغلبية الحكومية الحالية، والذي لا يتخلف أمينه العام ورئيس الحكومة في استعراض منجزات حزبه وتحالفه الحكومي في جميع المجالات، في الوقت الذي لا يلمس فيه المواطنون حقيقة هذه المنجزات، ولا يدير فيه حزبه الحقائب الأكثر تأثيرا على وعي رجل الشارع، اللهم إن كان رئيس هذا الحزب الأغلبي لا يريد الاعتراف بمساوئ تدبيره الحكومي وخطابه الدعائي والتهديدي لخصومه من حين لآخر.
ليست لدينا مواقف مسبقة اتجاه برامج الأحزاب التي ستدخل غمار المنافسة الانتخابية، إذ لا يزال جلها غير مطروح للنقاش الحزبي والعمومي .. كما أننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، ننتظر الإفراج عن هذه البرامج التي ستقدم للناخبين في الحملة الانتخابية، ونعتقد أن أحزاب الأغلبية مطالبة بالدفاع عن تدبيرها عن فترة الولاية التي ستنتهي مع إجراء الاستحقاق الانتخابي المقبل .. أما أحزاب المعارضة فيكفي أنها فشلت في إدارة المعارك التي خاضتها ضد الأغلبية، وأن مواقعها لا تحسد عليها في شروط وأجواء المواجهة الحالية مع الأغلبية الحكومية، التي أصبح رئيسها لا يعير أي اهتمام لوجود هذه المعارضة، ويعتقد أنها في طريقها إلى الاحتضار أمام شعبيته الكاسحة التي سيعيدها في الانتخابات الجماعية والجهوية القادمة، كما حققها في الانتخابات البرلمانية بعد المصادقة على دستور 2011.
من المعلوم أنه لا توجد في الوقت الراهن أي مؤشرات تدل على طبيعة الأغلبية التي ستفوز بالانتخابات الجماعية، وأن جميع المشاركين يفتقرون إلى التشخيص الحقيقي للإشكاليات و التحديات التي تواجه المعارضة اليوم، وأن الجميع يراهن على الحظ في ميلان ميزان القوى لصالحه بعد أن تبخرت مصداقية الخطاب الحزبي ومشاريع النضال التي تم الترويج لها، وأن أقصى ما يمكن أن يتطلع إليه المشاركون في هذه الانتخابات هو القدرة على إنشاء أغلبيات نسبية للفوز، سواء بمكاتب الجماعات أو الجهات، علما أن التحالف بين الأحزاب لا يخضع لنفس مسطرة إنشاء الأغلبية البرلمانية، ناهيك أن ما سيوجه الاستحقاق الانتخابي المقبل هو استعادة المبادرة في التواصل مع النخب المحلية والجهوية لإقرار مصداقية الحضور الحزبي الباهت الذي لا يتعدى المكاتب المسيرة، لكل ذلك، نهمس في آذان مسؤولي أحزابنا ونقاباتنا أن يغيروا نموذج التعامل الحالي مع المواطنين، الذين فقدوا الثقة في العمل الحزبي والنقابي لشيخوخته وعقمه وأسباب وجوده .. ومن أن النجاح في الانتخابات الجماعية والجهوية سيكون حليف من يتمكن من إعادة النظرة في منهجية عمله، وفي صياغة البرامج الانتخابية الملائمة لتطلعات القاعدة الناخبة.
زر الذهاب إلى الأعلى