يعتبر وزير الفلاحة والصيد البحري من بين أحسن وزراء الحكومة الحالية وأكثرهم حركة وإنتاجية وفعالية، نظرا لثمار عمله في قطاع الفلاحة التي لا يجادل فيها أحد، ونتمنى أن تظهر هذه الثمار أيضا في قطاع الصيد البحري الذي لا يزال المغاربة دون الاستهلاك الطبيعي لثروتهم السمكية، التي تزخر بها شواطؤنا الأطلسية والمتوسطية التي يستهلك الاتحاد الأوربي معظمها عبر اتفاقية الصيد التي لا تزال منافعها دون ما يتم نهبه من هذه الثروة السمكية، ناهيك عن عدم استهلاك المغاربة للكثير من الأسماك التي لا يعرفون حتى أسماءها.
ما أثارنا للحديث عن الصيد البحري، هو ما يحظى به هذا القطاع من اهتمام في السياسة الحكومية لدول الجوار الأوربي، التي تحرص على حماية ثرواتها البحرية وتؤمن حاجاتها من اتفاقيات الصيد مع دول جنوب المتوسط، خاصة المغرب وموريتانيا .. وما كشفه فيلم وثائقي في القناة الفرنسة الخامسة الدولية بعنوان ” الأخ الأكبر يأخذ البحر” عن المستوى المتقدم لأداء السلطات البحرية الفرنسية في مراقبة الصيد البحري في الشواطئ الفرنسية، شمل سفن الصيد والوسائل اللوجيستكية في الصيد والطاقم وحجم الكميات المصطادة، والوثائق عبر شبكة المراقبة لهذا النشاط 24 / 24 ساعة، وطيلة أيام الأسبوع، بما في ذلك المراقبة الجوية، وحسب المسؤول في جهاز المراقبة، أن الأهداف تسعى إلى حماية الثروات ومنع الصيد الجائر، وتحسين مستوى الصيد ومراقبة مدى احترام القوانين.
ترى ما هو واقع ثرواتنا السمكية في شواطئنا وطبيعة مراقبة السلطات البحرية لقطاع الصيد ..؟ وما هي انعكاسات ذلك على استفادة الوطن والمواطن من هذه الثروات البحرية في شواطئنا الأطلسية والمتوسطية ..؟ وكم يضيع من هذه الثروات في ظل واقع المراقبة الحالي ..؟ وكيف يمكن أن يكون قطاع الصيد مساهما في تحقيق الاكتفاء الذاتي وقيمة الصادرات من الثروات البحرية إلى خارج الأسواق الأوربية التقليدية، التي تربطها اتفاقية الصيد مع الاتحاد الأوربي ..؟
إذن، المواطن المغربي ما يزال بعيدا عن ضمان حاجياته من الثروة السمكية، نتيجة ارتفاع أسعارها، خاصة في بعض الأنواع التي لا يزال استهلاكها محدودا، كما أن هذا القطاع لا يزال مستوى التشغيل فيه دون حجم ما يسمح به من إمكانيات، وهذا يطرح أكثر من علامة استفهام على أداء الجهات الحكومية والخاصة، التي تعمل في القطاع، والتي لم يرتق مستوى تدخلها إلى ما نطمح إليه على مستوى إشباع الحاجيات الاستهلاكية ورفع الطاقة التشغيلية وتوسيع الأسواق الخارجية.
لن نكلف أنفسنا البحث عن الأجوبة عن الاستهلاك الداخلي الذي لا يزال دون الوصول إلى جميع الأسواق الداخلية، كما أن الأسعار ليست في مستوى الطاقة الشرائية لعموم المواطنين، ناهيك أن حجم التشغيل في الصيد البحري لا يزال متواضعا بالمقارنة مع الإمكانيات المتاحة .. يضاف إلى ذلك أن اللوجيستك الموظف في هذا القطاع لم يتطور وفق ما يعرفه هذا القطاع من تطور على جميع الأصعدة المهنية والتقنية والإنتاجية والتسويقية، وما يمكن أن يقوم به لتحسين الصحة الغذائية للمجتمع.
حينما نستعرض هذه الملاحظات على ضوء ما نقله برنامج “فيتال” في القناة الخامسة الفرنسية الدولية، فنظرا للمؤهلات الوطنية التي لم يتطور استغلالها على غرار ما وصلته دول الجوار الأوربي، التي تحرص على التنافسية والجودة في هذا القطاع الاقتصادي الحيوي، بالرغم من تواضع الثروات البحرية في شواطئ الدول الأوربية، التي عقد الاتحاد الأوربي عدة اتفاقيات للصيد البحري مع دول افريقيا الغربية للزيادة في الكميات التي تحتاجها أسواقها من الثروات البحرية التي تؤكد عدة علوم أهميتها الغذائية بالنسبة للصحة العامة.
هل إذن مستوى مراقبة السلطات البحرية لشواطئنا في المستوى الذي يؤهلنا لحماية ثرواتنا البحرية التي لا يزال المستهلك في الوطن لم يتعرف عليها، فبالأحرى ضمان حقه في استهلاكها، سواء في المناطق الداخلية أو الساحلية ..؟ وهل واقع الصيد البحري على جداول عمل المؤسسات العمومية الوطنية والجهوية للبحث فيما يساعد على زيادة الاستهلاك الداخلي والتسويق الخارجي ..؟
إننا نتساءل مع جميع الأطراف المعنية بهذا القطاع في أفق تحسين استفادة الوطن من خيراته البحرية الغنية المتنوعة، التي يستفيد منها الآن بصفة مباشرة الاتحاد الأوربي عبر اتفاقية الصيد البحري التي يجب الحرص على مراجعتها من أجل تحسين مداخيل الوطن من هذه الثروة السمكية، التي لا أحد يجادل في تعدد منافعها الاقتصادية والغذائية، لذلك، نطالب السلطات المعنية برفع مستوى مراقبة ثرواتنا البحرية، التي يراهن عليها الآخرون ومن مناطق بعيدة عن شواطئنا البحرية الأطلسية والمتوسطية.
زر الذهاب إلى الأعلى