أمام تمكن أصحاب النفوذ الاقتصادي والسياسي والاجتماعي من الفائزين في الانتخابات الجماعية والبرلمانية من تأمين دوائرهم وتحصينها، وتحويلها إلى ضيعات آمنة، سيكون تكريس نزاهة الانتخابات مرهون بالحسم مع هؤلاء الذين سيجعلون مناطق نفوذهم دوائر انتخابية مغلقة لا يمكن التنافس الانتخابي عليها، وهذا ما يستدعي من الأجهزة التي ستشرف على مراقبة العملية الانتخابية في كل مراحلها التدخل الفوري لتحرير هذه الدوائر، وتأمين التنافس الانتخابي عليها لتحقيق أهداف العملية من التداول الديمقراطي وتجديد النخب ومنع الاحتكار السياسي، وتقليم أظافر الفساد الانتخابي والسياسي.
إننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، المؤمنة بخطورة التحدي الانتخابي في ظل مسطرة هذه الفيروسات الجرثومية الضارة، نعتبر الإجماع الوطني على ضرورة توفير شروط سلامة الانتخابات – كما أكد عليها جلالة الملك – غير ممكن من قبل في هذا الواقع الخارج عن سيطرة الأحزاب والنقابات التي لا تخضع أصحاب الضيعات الانتخابية إلى سلطتها، فبالأحرى أن تتم ترجمة هذا الإجماع المعبر عنه للاستهلاك الإعلامي والدعائي فقط، وما يؤكد على ذلك، أن هؤلاء المالكين لهذه الدوائر الانتخابية أصبح لهم نفوذ في أحزابهم ونقاباتهم يتيح لهم تأمين سيطرتهم الانتخابية، وحتى ما عبر عنه رئيس الحكومة في هذا الاتجاه سيتم تجاوزه وعدم احترامه، لأن سلطة هؤلاء على هذه الدوائر أصبحت محصنة حتى في هذه الانتخابات الجماعية الأولى التي ستجري بعد دستور 2011، حيث لم يتضح إلى الآن مدى استعداد جميع الأطراف على أن تجري هذه الانتخابات وفق ما يتطلع إليه المواطنون المغاربة من نزاهة وسلامة في كل مراحلها.
إذن، إن لم يتم حسم الموقف مع أصحاب الضيعات الانتخابية سيكون من الصعب تحقيق النزاهة في الانتخابات الجماعية والجهوية، حيث يشكل هؤلاء المرتع الخصب للفساد السياسي والانتخابي الذي يتجاوز في بعض الأحيان قرارات ومواقف الأحزاب التي ينتمون إليها، وهذا في نظرنا يمثل التحدي الأكبر الذي يجب التوصل إلى معالجته قبل الانتخابات الجماعية والجهوية المقبلة.
ونرى في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن هؤلاء تغولوا في الدوائر الانتخابية التي ينتمون إليها، وأصبحت هذه الدوائر محظورة على من سينافسهم فيها بعد أن أحكموا السيطرة عليها بالوسائل التي لا يستطيع المعنيون بمراقبة نزاهة العملية الانتخابية اكتشافها وفضحها، بفعل ما تراكم لأصحاب هذه الضيعات من خبرة ومعرفة ووسائل لتأمين نفوذهم الانتخابي، بعد أن أصبحت لديهم شبكة من المليشيات التي تعمل تحت إشرافهم في هذه الدوائر، وتمتلك الحماية والأمن فيما تقوم به من عمليات لصاح هؤلاء المالكين لهذه الدوائر على امتداد عمر التجربة من انتخابات إلى أخرى، وتقديم الخدمات التي يحتاجها سكان هذه الدوائر في كل المجالات لتأمين أصواتهم في العملية الانتخابية، ويمكن أن نقول إنهم أصبحوا يشتغلون بأجور قارة في هذا الإطار ويزودون أصحاب هذه الدوائر بكل المعلومات والمقترحات التي تمكنهم من حماية نفوذهم الانتخابي، وسيكون من الصعب على أجهزة المراقبة التدخل الفاعل لاحتواء هذا الفساد الانتخابي، الذي توغل في أحزمة الفقر في مدننا وقرانا، إذا لم يتم استحضار أفضل وسائل المواجهة والضرب بيد من حديد على يد هؤلاء الناخبين الكبار الذين أصبحوا شيوخا في قبائلهم الحزبية.
زر الذهاب إلى الأعلى