على نقيض الأرقام المسجلة في قطاع السياحة التي لم تتجاوز بعد 10 ملايين سائح، يمكن للمغرب أن يضاعف هذا الرقم دون أن ننتظر إلى 2020، كما يتوقع ذلك المتدخلون في هذا القطاع الاقتصادي الذي شكل أحد موارد الميزانية الرئيسية، لو اهتمت السياسة العمومية بالجوانب التي يمكن أن ترفع من العائدات السياحية بالنظر إلى المؤهلات المتوفرة في السياحة الثقافية والشاطئية والجبلية، على ضوء الجغرافية الطبيعية المتنوعة في الوطن من جهة، والاستثمار في البنية التحتية المدعمة لهذا القطاع، سواء في بناء الفنادق أو الطرق، وتأهيل المراكز السياحية ورفع مستوى الخدمات السياحية والبحث على الأسواق السياحية في الخارج وتشجيع السياحة الداخلية.
يمكن أن تكون السياحة قاطرة للتنمية في النظام الجهوي الجديد، إذا ما سمح لمجالس هذه الجهات في إطار الاختصاصات التي أصبحت عليها في نظام الجهوية الموسعة الذي تمت المصادقة عليه مؤخرا، ونعتقد في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أنه بالإمكان تحقيق النمو المضطرد في السياحة، إذا ما تم التخطيط التنموي المناسب للإمكانيات السياحية المتوفرة، وتحقيق العقلنة المطلوبة في استغلال المتاح من موارد مالية وبشرية ولوجستكية في هذا القطاع، وتم وضع السياحة على أولويات اشتغال النخب المحلية في الجهات التي تتوفر على المؤهلات السياحية، ناهيك عن إعادة تشغيل المكاتب السياحية الوطنية في الداخل والخارج للرفع من مستوى خدماتها الترويجية والدعائية للسياحة في الوطن، وكذلك تأهيل العاملين في المهن السياحية للزيادة في أرقام الحجوزات والنقل والإقامة في المراكز السياحية التي لا زالت طاقة الاستيعاب فيها لم ترق إلى التوقعات المنتظرة منها.
حينما نقول إن المغرب لم يستوعب أو يستثمر كل إمكانياته السياحية، فنحن في الواقع نؤكد صحة ما يتحدث عنه الفاعلون الحقيقيون في قطاع السياحة، بعيدا عن المزايدات والنفخ في الأرقام والتوقعات، فكل ما تحتاجه عملية الارتقاء بالسياحة في الاقتصاد الوطني متوفرة إلا أن العقبات تتجلى في افتقار من تسند إليه هذه الحقيبة، سواء في الحكومات السابقة أو في الحكومة الحالية للرؤيا وللبرنامج الكفيل بالرفع من خدمات هذا القطاع الاقتصادي الواعد، الذي يمكن أن يكون رافدا للزيادة في مداخيل الميزانية، وتوفير فرص العمل وتطوير مشاريع التنمية الجهوية، وتجدر الإشارة إلى أن الأطراف الحزبية والنقابية والمهنية لا يزال مستوى اهتمامها بقطاع السياحة في برامجها الانتخابية متواضعا ولا يقنع حتى المتحمسين لوجودها في الحكومة أو المعارضة.
ما يمكن أن نختم به حديثنا في المؤهلات الاقتصادية الهائلة التي يمكن أن يوفرها قطاع السياحة لا حدود لها، سواء في المجال المالي أو التشغيلي أو الخدماتي إلى الدرجة التي يمكن أن نجعل من الوطن وجهة سياحية عالمية متطورة على غرار ما يوجد في أمريكا الشمالية وآسيا، ويبقى الأمل كبيرا في إعادة النظر في السياسة العمومية في هذا القطاع، الذي يوفر للدول التي نجحت في تأهيله والاستثمار في مشاريعه مداخيل ضخمة وفرص للعمل القار والموسمي لا يمكن ضمانها في القطاعات الاقتصادية التقليدية .. فهل سيكون لنا الحظ في رؤية تنافس حزبي حقيقي للنهوض بقطاع السياحة وتحقيق التنمية المستدامة والحكامة الجيدة المطلوبة فيه على جميع الأصعدة.
زر الذهاب إلى الأعلى