أو من خدش الحياء إلى خدوش الوجوه ..!
عبد اللـه عزوزي
أنى لنا أن نقول أننا بخير، وأنه لا خوف علينا مما حبل به رحم ثقافتنا المغربية المعاصرة، والتي وجدت في الوحي الرباني – عبر القرون- أمنها الروحي و الاجتماعي، وحي ساعدها على الاستقرار والنبوغ والتوسع الحضاري، وأعانها على استعادة مجدها وكرامتها، التي سرقت منها من طرف ثقافة منافسة تبنت فلسفة التنوير وقيم العدل حتى وهي ظالمة ومتسلطة، كرامة ضاعت حينما استبد بالدولة المغربية الجهل واستقر بأوصالها الوهن.
لا شك أن العشرية الحالية، والتي ستليها، ستكون سنوات تحقق الأحلام التي رسمها العلمانيون والمتكالبون على قتل جوهر وروح المجتمع المغربي في السنوات الماضية من خلال مخططات تربوية وسياسية وإعلامية وتدبيرية … ها نحن نلاحظ التطور الوحيد والمطرد الذي نعيشه اليوم والذي يشهد على أن المغاربة قد تجاوزوا المؤشر البدائي (اللفظي) الدال على فساد الطبع وقبح النفس والمتمثل في “تخسار الهدرة” و الكلام البذيء على مسامع المواطن (ة)، سواء كان خصما أو مجرد عابر سبيل دفعه القدر إلى أن يتواجد في محيط أفاعى الكبرى (cobra) و السحليات الناشئة لحظة هيجانها، وانتقلوا إلى مرحلة جد مرعبة ومتطورة تنبني على العنف الجسدي و”وتخسار الوجه”، سواء بسبب أو بدونه .. ! فاللهم لطفك، وإليك نشكو ضعفنا وهواننا على حاملي عقيدة “تخسار” وجوه وكرامة الغير.
قبل أيام تداولت منابر إلكترونية مقاطع فيديو تظهر ضحايا في عمر الزهور، قام مجرمون بمباغتتهم من وراء ظهورهم، غير بعيد من مقر سكنى عائلاتهم، فضربوهم من وراء ظهورهم وعلى رؤوسهم وأوجههم، كما لو أنهم في حرب مقدسة يراد منها استرجاع وطن سليب، أو تحرير سبايا من بين أيادي عدو مقيت، في حين أن المعتدى عليهم سوى طلبة مغاربة من نفس الانتماء الديني واللغوي و الجغرافي .. المجرمون لم يراعوا في ذلك لا حرمة الإنسان ولا حرمة شهر رمضان ولياليه المباركة، ولا اتعظوا بآلاف القبور التي استوطنها موتى لا حيلة لهم و لا قوة على تغيير أو تصحيح أو استدراك، ولا بكلمات الآذان التي تصدح بها حناجر المؤذنين عبر مكبرات الصوت في كل أرجاء المدينة خمس مرات في اليوم.
لقد أبى المجرمون من المغاربة إلى أن يفروا من ” حيى على الصلاة” إلى “حيى على القتل و الكريساج” من أجل دريهمات لا محالة مصروفة و منقضية .. !
يوم أمس كذلك، ودائما في إطار نهج ” اتخسار المرحلي و الممنهج “، يأبى الخبث الروحي لبعض أبناء جلدتنا إلا أن يختطف منا بعروسة البوغاز رجل أمن نحسبه شهيدا عند الله .. ليس أشد مرارة في الدنيا منذ أن استوطنها آدم وذريته أن يستهدفك أخوك المغربي “بتخسار اللوجا” وأنت شرطي في عمر أبيه ولك أبناء ينادونك “أبي” و زوجة تخاطبك ب ” زوجي”، تؤدي واجبك الوطني كرجل أمن كرس حياته للسهر من أجل أن ينام الآخرون، وأن يفعل ذلك عبر دهسك بسيارته في واضحة النهار، أمام الملأ وفي عز شهر “تصفد فيه الشياطين” ويحيي فيه المؤمنون ذكرى نزول وحي غير وجه العالم.
إذن ماذا يحدث بمملكة المغاربة الشريفة ..؟ أين الخلل ..؟ وما سبيلنا من أجل استرجاع الأمن والمودة واحترام حق الغير في السلامة والحياة ..؟ هل لأننا لا نتطور واكتفينا بتسجيل تقدم على مستوى تراجع القيم الذي يجسده الثنائي الحالق و المدمر، ثنائي “تخسار الهدرة” و ” تخسار اللوجا” ..؟!
زر الذهاب إلى الأعلى