عبد الصمد لفضالي
ألم يعرف هؤلاء العرب والمسلمين الذين يتقاتلون بسبب الطائفية والنعرة العرقية بأنهم أصبحوا مستنقعا يتغذى عليه الاستبداد والإرهاب ..؟ ألم يتساءل هؤلاء لماذا المجتمعات المتقدمة تتعايش فيما بينها رغم تعدد أعراقها وأصولها واختلاف لغاتها و ألوانها ..؟ فالولايات المتحدة الأمريكية لم تكتشف إلا في سنة 1492م، ولم يعلن عن استقلالها إلا في سنة 1776م، وتتكون من 50 ولاية، وهي من أكثر دول العالم تنوعا من حيث العرق و الثقافة، لكنها من أقوى الدول تحصنا ضد النزاعات الطائفية، أما المجتمعات الأوروبية فرغم تباين أجناسها ولغاتها واختلاف عقائدها، فإنها تسعى إلى إنشاء جيش موحد بعد اتفاقية “ماستريخ” سنة 1992م التي بموجبها استطاعت هذه الدول تكوين تكتل اقتصادي قوي، وإقرار عملة موحدة، ونهج سياسة خارجية وأمنية مشتركة، و كذلك إنشاء مجال دون حدود داخلية، وذلك بسبب نبذ هذه المجتمعات المتقدمة للعنصرية، وقطع الصلة مع كل ما يتعلق بالمذهبية و الطائفية، والاحتكام إلى القانون والإيمان بأن الاختلاف في الرأي هو ما يميز الإنسان عن باقي المخلوقات .. فالإسلام الذي تتبجح به الجماعات المتقاتلة، إنما أتى رحمة للعالمين، وأن الأصل فيه هو المعاملة، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، فالمجتمعات الراقية إنما ارتقت إلى ما ارتقت إليه، بسبب التطبيق اليومي لما نحن المسلمون أجدر بتطبيقه من عدالة وتكافل اجتماعي وإخلاص في العمل، فأضحت هذه المجتمعات التي هيمنت على سبل التقدم لا ينقصها إلا اعتناق الإسلام لتنطبق عليها صفة خير أمة أخرجت للناس، فالمنتمون إلى خير أمة ليست لهم أصول معينة ولا أنساب مميزة، وإنما هم قوم يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر، إنها عالمية الإسلام.
إن الجماعات والأحزاب الذين يحملون رايات لرموز “دينية تاريخية” كمظلة لتبرير حمل السلاح ضد غيرهم، ويتعصبون لانتماءاتهم الطائفية والحزبية على حساب المنطق والحق العام، ليسوا على شيء، وإنما هم أزلام – سواء كانوا عن وعي أو غير وعي- يخدمون قوى انتهازية على حساب مصالح مجتمعاتهم وأوطانهم .. بينما الدول الأوروبية تدرك جيدا بأن تكتل اقتصادي قوي يجنبها المشاكل الاجتماعية، و يثبت أمنها واستقرارها و يرسخ تحكمها و استقلاليتها في قرارتها.
زر الذهاب إلى الأعلى