الطائفية..الإرهاب والتسلط
عبد الصمد لفضالي
ما هي القناعات الدينية والسياسية والإنسانية لمنظري الإرهاب، سواء كانوا من الجماعات المتطرفة أو كانوا من مؤججي الفتن والحروب بهدف ترويج و تهريب الأسلحة أو الحصول على نفوذ ومصالح على حساب أرواح الأبرياء ..؟ فبدون حروب تصاب الشركات العملاقة في صناعة الاسلحة بهبوط كبير و ملحوظ في بورصاتها وتهدد بالإفلاس، ولا أدري كيف يشعرون وهم يعاينون القتل والقتلى على مدار الساعة .. ؟ فمن الأسباب الرئيسية لتدخل القوى الأجنبية في الشؤون الداخلية للمجتمعات العربية و الإسلامية، الإستفراد بالسلطة والإستبداد كما يقع حاليا بسوريا بشار الأسد، حيث يقبع الشعب السوري بين مطرقة النظام الأسدي وجنرالات شبيحته وعسكره، الذين من فضاعة غبائهم لا يفكرون إلا في الحفاظ على نياشنهم ورتبهم وامتيازاتهم المؤقتة المرتبطة ببقاء الأسد، وسندان الإرهاب الذي لا يتوقف عن التفريخ، وكذلك تكالب القوى الخارجية الإنتهازية من صانعي ومروجي الأسلحة والباحثين على نفوذ إقليمي استراتيجي، والساعين إلى إضعاف سوريا كجار لإسرائيل .. وبسبب هوسه بالسلطة والتصاقه بكرسي الحكم، واستبداده أوصل الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح اليمن إلى ما وصلت إليه من فوضى بعد أن قضى 33 سنة من الحكم بدون مؤسسات فعلية، واختلس أموال هائلة، هذه الأموال التي لازال – أي عبدالله صالح – يناور بها سعيا ربما إلى مصير مثل مصير “الأخ القائد الملهم” معمر القدافي الذي تجاوز عن جهل أو تجاهل المشاكل الداخلية لليبيا، وأقحم أنفه في قضايا خارجية كتمويله لما يسمى ب”البوليساريو” على حساب الوحدة المغربية، في حين أن شعوبا و دولا استيقظت باكرا، وبعد اختيارها للديمقراطية، سعت إلى تكتلات إقليمية، وذلك، اقتصاديا وسياسيا وحتى عسكريا لمواجهات التحديات المستقبلية (دول الاتحاد الاوروبي 28 دولة)، كما أن هذا “القائد الملهم” أوهمته زبانيته بأنه يستطيع أن يتزعم افريقيا السمراء بتصدير ثورته عبر كتابه الأخضر الذي لا يستسيغ قراءته أي عاقل، و من حماقات هذا “القائد الفاتح”الذي لم يفتح شيئا سوى فمه بخطابات فارغة ومضحكة، تدخله في تشاد (1978-1987) من أجل افكار “ثورية” من الثور وليس الثورة، فمني بهزيمة فقد فيها أكثر من 7500 محارب ليبي مقابل 1000 قتيل من التشاديين، وذلك رغم المداخيل الخيالية من النفط الليبي، التي لم يستطع “القائد الملهم” استثمارها حتى في صنع إبرة خياطة .. ومن الأسباب الرئيسية كذلك لتدهور الأوضاع بالعالم العربي والإسلامي، الاختلاف في الرأي المقرون بالعنف والذي يعد من أفتك وأسوء و أخطر تهديد يواجه التماسك الإجتماعي والتقدم الحضاري للمجتمعات العربية والإسلامية، وفي مقدمة هذه الاختلافات، الصراع السني الشيعي، هذا الصراع الذي تذكيه قوى انتهازية خارجية من أجل إضعاف المجتمعات العربية والإسلامية بهدف ابتزازها في ثرواتها وجعلها غير قادرة على اتخاد قرارتها والتحكم في مشاريعها، وذلك بتسخير أزلام هذه القوى الإنتهازية لتجييش القواعد الشعبية
واستغلال عدم وعيها السياسي للتورط في نزاعات وصراعات لا تنتهي
إن ما يجب أن تعرفه هذه الأطراف المتصارعة، سواء كانت سنية أو شيعية، هو أنه من المستحيل أن يفرض طرف معتقداته على الطرف الاخر بالقوة، وإن استمرت الأوضاع كما هي عليه فالنتيجة لا تكون إلا مزيدا من القتلى والجرحى و المشردين، إننا نحب أهل البيت ونحب من أحبهم وكذلك الصحابة الذين عاصروهم رضي الله عليهم جميعا، و يجب أن نستفيد من الفتن التي وقعت في عهدهم، لأنه من الغباوة أن تتخد فترة تاريخية أصبحت من الماضي، سببا لإذكاء حروب لا يسفيد منها إلا المتربصون بوحدة الامة الإسلامية وبياذقهم الذين هم على استعداد لحرق أوطانهم من أجل مكاسب سلطوية
إن ما يجب أن يعرفه هؤلاء المتقاتلون، هو أن سبب تقدم ورقي الشعوب الأخرى يرجع بالأساس إلى قطع الصلة مع النزاعات الطائفية والمذهبية واحتكامهم إلى الحق والقانون، وأن الإسلام يعتمد في المعاملات على العدل وعلى عدم الإكراه (حرية التفكير)، وأن القتل بسبب الإختلاف في الرأي ظلم كبير .. وبما أن الأمور لا تقاس إلا بنتائجها، فإن المجتمعات التي ترزخ تحت عبثية الطائفية والقبلية لا زالت تعيش حياة بدائية مقنعة، وذلك تحت رحمة صناعة واقتصاد المجتمعات المتقدمة التي تخطت هذه التفاهات التمييزية وتشبثت بأسباب التقدم والازدهار