
إقصاء إعلامي أم نسيان ممنهج .. اليوسفية في مرآة تقارير الإعلام الرسمي
ذ. يوسف الإدريــــــسي
مؤسف جدا إلى حد الغثيان، أن مدينة اليوسفية، ذات التاريخ العريق في استخراج الفوسفاط وإنتاجه، تُقصى مرة أخرى من الواجهة الإعلامية الرسمية، وتحديدا ضمن التقرير الإعلامي الذي أنجزته اليوم قناة (ميدي1تيفي)، بمناسبة إطلاق مشروع ضخم للمكتب الشريف للفوسفاط نواحي مراكش، وهي العبارة التي استعملها التقرير، دون أن يأتي على ذكر اليوسفية، لا كموقع أصلي للمشروع، ولا كفاعل له رمزيته التاريخية والاقتصادية في هذا القطاع
هذا التجاهل الإعلامي، الأكيد ليس بريئا، بل هو استمرارية لتهميش مدينة ساهمت لعقود في الاقتصاد الوطني، واحتضنت آلاف العمال من مختلف مناطق المغرب، بل شكلت نموذجا راقيا للتلاقح الاجتماعي والارتباط بين الثروة الاقتصادية والهوية الاجتماعية .. واليوم، تمحى هذه الهوية وهذه المدينة من ذاكرة الإعلام الرسمي، في تناقض صارخ مع منطق الاعتراف والإنصاف
المفارقة الغريبة هي أن وزير الشباب والثقافة والتواصل نفسه له أصول من مدينة اليوسفية، بل وصرح في أكثر من مناسبة لزيارته المدينة، وآخرها زيارة للموقع الاركيولوجي (إيغود)، بأنه سيعمل من جانبه على تنمية المدينة في اختصاصاته، وطبعا من بين اختصاصات وزارته؛ جعل الإعلام الرسمي رافعة للتنمية المحلية وليس معولا فوق رأسها
الحديث هنا لا ينتهي بمجرد ذكر اسم مدينة في تقرير، بل بثقافة كاملة من التعتيم والتجاهل والجحود، وقد حان الوقت كي يعاد فيها النظر .. لأن التنمية الحقيقية تبدأ بالاعتراف، ولأن الإعلام العمومي لا يمكن أن يستمر في تكرار هذا الإقصاء دون محاسبة أو مساءلة، فقط لأن اليوسفية تستحق الأفضل كما تستحق أن تُرى وتُذكر، ليس لأن لديها تاريخا إنتاجيا، بل لأنها ما زالت تنتظر أن يكون لها مستقبل ضمن وطن المفروض أن يسع الجميع، وأن يحتضن جميع مناطقه دون تمييز أو إقصاء