
باريس / بايرو يشعل الجدل حول الهجرة بتصريحات مثيرة للجدل
فرنسا – عبد الرحيم مالكي
أثار رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو أمس الثلاثاء 28 يناير 2025 موجة من الجدل في الجمعية الوطنية (Assemblée Nationale) بعد تصريحاته المثيرة حول ما وصفه بـ”إغراق البلاد” نتيجة تدفق المهاجرين .. هذه التصريحات، التي أدلى بها في سياق نقاش حول وضع الهجرة في البلاد، تسببت في ردود فعل حادة من مختلف الأطياف السياسية، سواء من المعارضة أو حتى من بعض أعضاء الأغلبية الحكومية
المعارضة اليسارية كانت الأكثر انتقادًا لتصريحات بايرو، حيث اعتبر الحزب الاشتراكي، أن هذه الرؤية مبالغ فيها وتشوه واقع الهجرة في فرنسا، وقد عبر العديد من الشخصيات اليسارية عن قلقهم من أن هذه التصريحات تسهم في تعزيز مناخ الخوف وتقديم الهجرة كتهديد متزايد، مما يعزز الخطاب الذي يروج له اليمين المتطرف، ورأى البعض في هذه التصريحات محاولة من الحكومة لتشويه صورة المهاجرين وتشديد الخطاب ضدهم، الأمر الذي قد يؤدي إلى تعزيز مشاعر العداء تجاههم، كما اتهمت فرنسا الأبية (حزب اليسار المتطرف) الحكومة بمحاولة صرف الأنظار عن القضايا الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها البلاد من خلال تضخيم مسألة الهجرة
على الجانب الآخر، دافع فرانسوا بايرو عن مواقفه، وأكد أن ما وصفه بـ”الإغراق” ليس مجرد انطباع، بل واقع ملموس في بعض المناطق مثل مايوت، حيث أكد أن هناك ضغطًا هائلًا على هذه المناطق بسبب تدفق المهاجرين، مما يجعل السكان المحليين يشعرون بعدم القدرة على التحكم في الوضع .. وأوضح بايرو، أن وصف الوضع بـ “الغرق” ليس الهدف منه إثارة الهلع، بل هو تعبير دقيق عن التحديات التي يواجهها السكان المحليون في بعض المناطق، وأكد أن تجاهل هذه الظاهرة لن يؤدي إلا إلى تفاقم التوترات الاجتماعية وتدهور الوضع في المستقبل
أما داخل الأغلبية الحكومية، فكانت هناك أيضًا ردود فعل متباينة على تصريحات بايرو، حيث أبدى بعض النواب قلقهم من أن استخدام مصطلح “الغرق” يعكس لغة اليمين المتطرف، وقد يؤدي إلى تأجيج مشاعر معادية للمهاجرين في المجتمع الفرنسي، وكما أعربت رئيسة الجمعية الوطنية عن استيائها من هذه التصريحات، حيث قالت إنها لم تكن لتستخدم هذه الكلمات بنفس الطريقة .. معتبرة، أن تلك التصريحات تثير انقسامات غير مبررة في المجتمع الفرنسي .. في المقابل، هناك بعض الأصوات في الأغلبية التي رأت أنه من الضروري أن يتم الاعتراف بالواقع كما هو دون إخفائه، وأن ترك النقاش حول الهجرة للتيارات الأكثر تطرفًا قد يكون خطرًا على الوضع السياسي والاجتماعي في البلاد
هذه التصريحات تأتي في وقت حساس، حيث أن الحكومة الفرنسية بصدد إجراء إصلاحات جديدة في مجال السياسة الهجرية، ومن بينها قوانين جديدة تستهدف استقبال طالبي اللجوء وتنظيم أوضاع العمال غير النظاميين .. هذه الإصلاحات، تأتي في إطار مساعي الحكومة للتعامل مع الزيادة الكبيرة في أعداد المهاجرين إلى فرنسا، خاصة في المناطق التي تشهد تدفقًا مستمرًا من المهاجرين غير الشرعيين .. وفي هذا السياق، يواجه بايرو والحكومة تحديًا كبيرًا في كيفية تحقيق توازن بين تلبية حاجات الأمن الداخلي ومراعاة حقوق الإنسان، بالإضافة إلى ضرورة إدارة المخاوف التي قد تكون موجودة لدى المواطنين الفرنسيين من الوضع الهجري، كما أن هذا الجدل يسلط الضوء على الانقسامات داخل الحكومة الفرنسية نفسها، حيث أن مسألة الهجرة تبقى من المواضيع الحساسة التي تثير الكثير من الجدل في الساحة السياسية، فيما يتعلق بالإصلاحات المقبلة، فإن الحكومة ستضطر إلى موازنة بين رغبتها في فرض قوانين أكثر صرامة في ما يتعلق بالهجرة وبين الحاجة إلى الحفاظ على صورة فرنسا كداعم لحقوق الإنسان واللجوء