بقلم ذ. محمد كنون
يعرف المغرب احتجاجات الشغيلة بكل أصنافها نظرا لتدهور القدرة الشرائية لكل الفئات، فالطبقة الوسطى التي تُعرف بصمام الاقتصاد تم انحدارها إلى عتبة الفقر، يعني لم تعد هذه الطبقة قادرة على مسايرة الغلاء .. و بالتالي، وقع انكماش استهلاكها، مما يؤثر على نسق منظومة الدورة الاقتصادية برمتها .. فالحكومة تسعى جاهدة إلى القفز على المؤسسات الدستورية كالنقابات لتتصرف كفاعل وحيد في التسويات الممكنة للحركات الاحتجاجية (الأطباء و التعليم…)، و التجربة أبانت أن النقابات لم تستوعب الكمين غير المعلن الذي تخطط له الحكومة، الذي يرمي إلى سحب التعاطف الجماهيري منها، تماما كما وقع للأحزاب التقليدية .. لكن، الوعي الجماعي للشيغلة، بالدرجة الأولى نخبة رجال و نساء التعليم، أبانوا أنه لا تفويض على بياض للنقابات المترددة في الدفاع عن القضايا المصيرية لأسرة التعليم و المدرسة العمومية بشكل أوسع، و الجميع يعلم أن أسرة التعليم هي الوحيدة التي لها امتداد منقطع النظير داخل الأسر و المجتمع .. و الوضع في واقع الأمر له أبعاد متشعبة قد تشل كل مرافق الحياة في البلاد .. فالاختيارات المبنية على العقوبات و على المقاربة الأمنية، أو التوقيفات، أو الاقتطاعات، أو الزجر، لا تحل المشاكل المطروحة بقدر ما تزيد في حدة التوتر المجتمعي .. اليوم، على الحكومة أن تتخذ قرارات جريئة لضمان السلم الاجتماعي، نذكر منها :
* أولا، سحب النظام الأساسي للتعليم، و كل الآثار المترتبة عنه مع الإنصات للممثلين الحقيقيين لكل روافد أسرة التعليم، و جعل التعليم العمومي المجاني أولوية وطنية قصوى لاختيارات الدولة
* ثانيا، إخراج القانون التنظيمي للإضراب كحق مكفول دستوريا، فهذا القانون هو الكفيل بعقلنة العلاقة بين الحكومة و الفرقاء الاقتصاديين و الشغيلة بكل أصنافها
* ثالثا، عدم الاكتفاء بالحوار مع النقابات “الأكثر تمثيلية”، مادام أن هذا التوصيف لحجم النقابات توصيفا غير دقيق، غير واقعي، و غير عادل .. فلا أحد قادر على قياس ما يسمى بأكثر تمثيلية
* رابعا، الإقرار بالتنسيقيات الكبرى كمحاور أساسي لحل مشاكل التعليم، باعتبار تمثيليتها الواسعة لرجال و نساء التعليم في الساحة عبر كل الجهات و الأقاليم
* خامسا، تسقيف أسعار المحروقات، نظرا لآثارها المباشرة على أسعار المواد الاستهلاكية التي يشترك فيها كل المواطنين .. إن للسلم الاجتماعي ثمن، فعلى الحكومة أن تبادر بجرأة سياسية لحل المعضلات المركبة للمجتمع، و لا يحق لها الزج بالبلاد في نفق التصعيد