مراسلة – ميمون بوركبة
استفاقت ساكنة بني تجيت والنواحي على حادثة ذكرتها بمأساة الطفل ريان، الذي سقط في البئر .. تلك الحادثة التي أعطى من خلالها جلالة الملك محمد السادس نصره اللـه تعليماته بإغلاق وردم كل الٱبار العشوائية التي لا تحترم الاحتياطات والإشارات المعتادة، أو المقررة قانونا في الأوراش، وقد استبشرنا خيرا بهذه التعليمات التي كان المنتظر منها وضع حد لمجموعة من المخاطر التي تهدد حياة العامة .. لكن، في بني تجيت آو إقليم فجيج عامة، لسنا ندري هل المسؤولين بالمنطقة غير معنيين بهذه التعليمات ..؟
عائلة محمد، عائلة فقيرة أرهقها الزمان ودفعها إلى مغادرة أرض أجدادها بحثا عن قوت يومها، يضمن لها الاستمرارية في هذه الحياة التي لم تبتسم لها يوما .. هاجر أفراد هذه العائلة إلى دوار من دواوير تابعة لجماعة بني تجيت إقليم فجيج عمالة بوعرفة
في بداية هذا الأسبوع، وبينما كانت جدة محمد ذاهبة لجلب الماء الشروب من البئر، صاحبها محمد البالغ من العمر 3 سنوات وأخاه البالغ من العمر سنتين، وفي طريقها إلى البئر، قررا أن يعودا إلى البيت بعد أن قطعا مع جدتهما نصف الطريق .. عاد محمد وأخاه وهما يلعبان في الطريق ويستمتعان كباقي الأطفال في سنهما، وعلى جنبات الطريق كانت هناك آبار عميقة يصل عمقها إلى 25 متر مفتوحة تهدد حياة المارة صغيرا وكبيرا .. هذه الآبار تعود إلى أحد المهيمنين على الثروة المعدنية في هذه المنطقة، وحسب ما توصلنا به، أن هذه الآبار لم يشتغل فيها أحدا قرابة عام آو يزيد، بل ظلت مفتوحة هكذا بعد أن استخرجوا منها ما استخرجوه .. تاركين إياها مكشوفة المدخل، دون مراعاة للخطر الذي تخلفه، ليكون أول ضحية يسقط فيها هو محمد، الطفل الصغير الذي لم يعرف شيئا في هذه الحياة بعد .. سقط بعد أن ترك أخاه مهددا بالسقوط أيضا .. سقط الجسد في البئر، وانتقلت الروح إلى الأفق البعيد تحلق بعيدا بعيدا
في تلك اللحظة بالذات، هرول أخو محمد إلى أمه، تارة يسقط على الأرض وتارة يتعثر إلى أن وصل عند أمه النائمة في الفراش، جراء ألم أصابها في ذلك اليوم، كان يصرخ وينطق بكلمات غير مفهومة ويشير بأصبعه إلى الآبار المفتوحة .. في هذه الأثناء حملته أمه على ظهرها وذهبت مسرعة إلى حيث ذهبت الجدة لجلب الماء .. معتقدة أن محمد مع جدته .. لكن، هيهات هيهات .. لم تجده، فبدأ الصراخ والعويل والبكاء
وفي لحظات قليلة، اجتمع أهالي الدوار وبدؤوا يبحثون هنا وهناك عن محمد .. لكن، بدون جدوى، مما دعاهم على الفور للاتصال بالعناصر الأمنية بعد أن يئسوا من العثور عنه، وبعد أن تحقق بأن الطفل يكون قد سقط في البئر، تكلفت المصالح الأمنية وعناصر الإنقاذ بانتشال جثة الطفل، التي بعد استخراجها من قعر البئر، جرى نقلها إلى مستودع الأموات بمدينة تالسينت، ليتم إعادتها بعد التشريح الطبي والوقوف على أسباب الوفاة من أجل الدفن في اليوم الموالي
السؤال الحارق الذي يطرح نفسه بقوة، ترى هل سيعاقب من تسبب في موت هذا الطفل البريء ..؟ وهل ستغلق هذه الآبار التي تهدد حياة الناس ..؟ أم أن موت الطفل محمد ما هي إلا بداية لمسلسل طويل ..؟