من أجل تكريس التداول الديمقراطي في تدبير الجماعات المحلية
على الرغم من طول عمر النظام الجماعي في المغرب لا يزال هذا النظام يراوح مكانه على مستوى تفعيل مبدأ التداول، حيث لا يزال بالإمكان للمستشار الجماعي أن يعمر في مهمته إلى أجل غير مسمى، وانعكاس ذلك على ترجمة البرامج التنموية الانتخابية .. فماذا قدمت الأحزاب المشاركة في هذه القضية الأساسية التي توجه التدبير الجماعي الذي لا يزال جله يعتمد على الضيعات الانتخابية التي تسمح لأبناء العائلات وأصحاب النفوذ الاقتصادي بتكريس جماعاتهم بدون حسيب ولا رقيب ..؟ حتى وإن كانت الأحزاب في العالم القروي موجودة وتؤطر الساكنة المحلية في العملية الانتخابية
إنه تحدي قانوني ودستوري يتطلب إصلاحا استعجاليا حتى يكون للتناوب الديمقراطي حضور وشرعية .. وهذا ما يجب على الأحزاب أن تناضل من أجل تكريسه لإضفاء الشرعية الديمقراطية على النخب الجديدة، مما يساعد على ترجمة التدبير الجماعي الحقيقي، لا هذا الذي أصبح اليوم تحت رحمة الإقطاع والذين يملكون نفوذا قبليا أو اقتصاديا، حيث لا يملك هؤلاء أن يجدوا منافسين من خارج المنطقة، أو ترشح الأحزاب أحد المحسوبين عليها في هذه الدوائر التي أصبحت دوائر للموت .. وإلى حين تغيير الوضع في الخريطة الانتخابية، وتحول سيطرة هؤلاء إلى الجهات المعنية بالعملية الانتخابية، لن يكون للنخب حتى في هذه الدوائر الحق في انتخاب مترشح من خارج هذه الضيعات الانتخابية، وهذا ما يجب أن يتغير مستقبلا، إذا كنا نرغب في التداول الديمقراطي في تجربتنا الوطنية التي نترقب تطورها القانوني والتنظيمي
إن من شأن التصريف الطبيعي للتداول الديمقراطي على مسؤولية التدبير للشأن المحلي والجماعي والجهوي، إعطاء الفرصة للنخب على مباشرة المسؤولية التي تسمح بالتناوب على التدبير للشأن العام، الذي يقتضي التجديد للنخب المحلية التي لا تضعها الأحزاب ضمن أولوياتها السياسية، بالمقارنة مع التسهيلات التي تمنحها هذه الأحزاب للوجوه المحلية المتحكمة في هذه الدوائر .. وفي اعتقادنا الخاص بالنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، التي تؤمن بالخيار الديمقراطي في انتخابات أجهزتها المحلية والجهوية والإقليمية، وتريد أن يمتد ذلك لأجهزتها الوطنية حتى يكون هناك انسجام بين خطابها عن الديمقراطية والتزامها بالديمقراطية في الأجهزة التي تدير شؤونها .. علما، أن فروعها حتى الآن تتمتع بالاستقلالية في تدبير شؤونها الإقليمية والجهوية ولا تحتاج إلى الضوء الأخضر من الأمانة العامة للنقابة .. وللتذكير، فالممارسة الديمقراطية هي المفتاح لتحقيق الشرعية وإثبات القدرة على التدبير الجيد للمسؤولية في أي نشاط
إن التداول الديمقراطي على المسؤولية التدبيرية في جماعاتنا يكسب النخب المحلية الفرصة لممارسة تدبيرها الديمقراطي للجماعات التي تنتمي إليها .. وبالتالي، رفع التحدي والإنتاجية للمشاريع التنموية المحلية وفتح النقاش مع الساكنة حولها من أجل اختيار المشاريع وتوفير شروط إنجازها وفق التطلعات التي تعبر عنها النخب المحلية، مما يضفي على هذه النخب طابع الشرعية في التحرك والعمل والتفكير الذي تحتاجه عملية التنمية، وتكريس المشروعية للتداول على المسؤولية في هذه الجماعات
نظن في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن الباب مفتوح في وجه الإرادات الخيرة وسط هذه النخب المحلية، التي تواجه عقبة اختيارها من قيادات الأحزاب التي تنتمي إليها، التي لازالت عاجزة على تكريس التداول في الجماعات التي تملك فيها الأغلبية الحق في تصريف شؤون الجماعات وفق تكريس آليات التدبير الديمقراطي