مراسلة – حسن لكحل
حرصا على التفعيل المستمر لمبدأ الديمقراطية الداخلية وعملا على إشراك المسؤولين النقابيين بمختلف القطاعات والفروع والاتحادات، المنضوية تحت لواء المنظمة الديمقراطية للشغل في بلورة الاستراتيجيات والبرامج والمطالب النقابية، انعقد يوم الأحد 29 يناير 2023 بالمركب الاجتماعي والثقافي ميراج بالدار البيضاء، اجتماع المجلس الوطني للمركزية النقابية، تحت شعار:
من أجل سياسة الاعتماد على الذات، والتوزيع العادل للثروات ومحو الفوارق الاجتماعية، والقطع مع الوصفات الجاهزة للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي المدمرة
وبعد الكلمة التوجيهية للأخ علي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، التي استعرض فيها مستجدات المرحلة والتطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يمر منها المغرب، و وقوفه على المعاناة المتفاقمة لأوسع الفئات الشعبية، جراء قرارات الحكومة المستهدفة لجيوب الفئات الشعبية وفي مقدمتها الطبقة العاملة وجموع الفقراء؛ والمتجلية في وقوفها عاجزة أمام الارتفاع الصاروخي لأسعار المواد الغذائية الأساسية، وارتفاع كلفة سلة الغذاء والخدمات، كما نبه إلى مخاطر التضخم الذي وصل إلى مستويات قياسية غير مسبوقة، وزيادة معدلات الفائدة، وارتفاع الدين الخارجي وإهداره في مشروعات عديمة الجدوى الاقتصادية والاجتماعية وفي دفع فوائده .. كل هذا فاقم من معدلات البطالة و الفقر وقضى على ما تبقى من الطبقة الوسطى وزاد من مستويات التفاوت الاجتماعي وانعدم المساواة
بعد ذلك، فتح باب النقاش، حيث تدخل أعضاء وعضوات المجلس الوطني وتوقفوا عند تملص الحكومة من مسؤولياتها ومن دورها في حماية المواطنين من تفاقم معدلات البطالة بشكل غير مسبوق، خاصة في صفوف الشباب خريجي الجامعات وسقوط أزيد من 3 ملايين شخص جدد في براثين الفقر والهشاشة، جراء العطالة المزمنة و غلاء المعيشة، فضلا عن التراجعات المسجلة في الاستثمار العمومي وضعف الإنفاق الحكومي على القطاعات الاجتماعية الضرورية، وإغلاق أبواب التوظيف في أسلاك الوظيفة العمومية، بل تسقيفه في قطاع التعليم دون مبررات علمية موضوعية، فضلا عن ما عرفته مباراة ولوج مهنة المحاماة تجاوزات وغياب الشفافية .. وقد كان من النتائج المباشرة لهذه السياسة اللاشعبية تفاقم العجز على مستوى التعليم (الهدر المدرسي فاق 300 ألف تلميذ) وفي قطاع الصحة لوحظ تزايد الإمراض المزمنة مقابل ارتفاع أسعار الأدوية بعضها بنسب تفوق 250 %، و غياب الحكامة والإنصاف في صندوق (الكنوبس) الذي يستنزف جيوب المرضى المنخرطين به بسبب ضعف نسب استرجاع النفقات الصحية وتعطيلها، مما يؤدي إلى استمرار تحمل الأسر ما يقارب 54 في المائة من نفقات الصحة والعلاج، ضدا على الأهداف النبيلة للمشروع الملكي المتعلق بتعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض وتجنب النفقات الكارثية، كما أن أزمة السكن اللائق لم تزدد إلا تفاقما (3 ملايين من دور الصفيح و 20 ألف دار آيلة للسقوط
ركزت التدخلات، من جانب آخر، على الانعكاسات الوخيمة لسياسة تحرير الأسعار والزيادات المتواصلة في الضرائب المباشرة وغير المباشرة، خاصة الضريبة على القيمة المضافة والضريبة على المحروقات والضريبة على الدخل التي تستنزف دخل الإجراء والموظفين، علاوة على الهجوم على فئات واسعة من الطبقة الوسطى (المهنيين، المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا)، مما أدى إلى إفلاس آلاف المقاولات وفقدان عشرات الآلاف من الوظائف، وإهمال وتهميش الفلاحين الصغار والمتوسطين عماد الأمن الغذائي للمغرب
كما عرف الاجتماع مناقشة مستفيضة للوضعية المقلقة التي باتت تطال مختلف المجالات، جراء قرارات مملاة في جزء منها على الأقل من طرف البنك الدولي وصندوق النقد، والتي أسفرت عن تفقير الطبقة المتوسطة وإثراء فاحش لحفنة من المحظوظين والمضاربين والسماسرة والمهيمنين على السوق الوطنية، خاصة في ظل فوضى حرية الأسعار والإجهاز على صندوق المقاصة الذي أقرته الحكومة السابقة، ضدا على المكتسبات الاجتماعية للمواطنين المغاربة وفقراء الأمة، مما أثر وسيؤثر سلبا، دون شك، على الاستقرار الاجتماعي والسلم المجتمعي وفاقم من الهجرات الجماعية ومن تآكل التماسك الاجتماعي
وتأسيسا على ما سبق، فإن المجلس الوطني، وانطلاقا من حرصه الدائم على الدفاع على مصالح ومطالب الفئات الشعبية، وشعورا منه بحجم التحديات المطروحة على بلادنا، يسجل ما يلي:
* يدعو إلى تصفية الجو السياسي وإصدار عفو شامل على المعتقلين السياسيين والصحفيين وإلغاء الإحكام الصادرة ضد الأساتذة المتعاقدين، والحد من التضييق على الحريات الأساسية بما فيها حرية التعبير وحق الاحتجاج السلمي
* يحث على تعزيز وتقوية الجبهة الداخلية وضمان التماسك والاستقرار الاجتماعيين لمواجهة أعداء المغرب و وحدته الترابية وسيادته
* يحيي ويثمن عاليا نجاحات الدبلوماسية الرسمية، وخطواتها في طرد الجمهورية الوهمية من الاتحاد الإفريقي ومن المحافل الدولية، كما يدعو الحكومة إلى دعم وتفعيل الدبلوماسية الموازية المجتمعية والنقابية، ويعلن تعبئة المنظمة الديمقراطية للشغل للدفاع عن مصالح الوطن و وحدته الترابية والوقوف في وجه كل المؤامرات التي تستهدفه
* ينبه الحكومة إلى مخاطر سياسة ترك الحبل على الغارب ويطالبها بتحمل مسؤولياتها في حماية المجتمع من جشع المضاربين وتجار السياسة وأصحاب الامتيازات، حفاظا على السلم الاجتماعي
* يدعو إلى التفعيل الحقيقي للطابع الرسمي اللغة الأمازيغية في مختلف مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والإدارية والتواصلية
* يطالب بتحسين القدرة الشرائية للطبقة المتوسطة والفقيرة في المجتمع، وذلك من خلال:
<- تعميم الزيادة في الأجور وفي معاشات التقاعد، لضمان معاش كريم لكل الأجراء والمهنيين من خلال تحمل الدولة مسؤولية تصفية العجز المالي الحالي عبر صندوق الإيداع والتدبير، المؤسسة المالية الوطنية التي استفادت لعقود من أموال الصناديق التقاعد والتامين
<- القيام بإصلاحات شمولية لصناديق التأمين الإجباري عن المرض وصناديق التقاعد بتوحيدها في صندوق واحد وبنظام وسلة علاجات موحد
<- التراجع عن رفع أسعار المحروقات، بتخفيض الضرائب المفروضة على هذه المادة وإعادة تأميم شركة سامير لتكرير البترول
<- وقف الهدر والريع ومحاربة الفساد وتهريب العملة عبر التزوير، خاصة عبر شركات التدبير المفوض، والإسراع بتنزيل قانون الشركات الجهوية و وضع إستراتيجية وطنية لتحقيق الاكتفاء الذاتي وضمان الأمن الغذائي والدوائي والطاقي والمائي
* يحيي ويثمن عاليا حكم الغرفة الدستورية القاضي بإلغاء مقعدين بمجلس المستشارين، بناء على الطعن الذي تقدمت به المنظمة الديمقراطية للشغل بخصوص نتائج انتخابات المأجورين لمجلس المستشارين، ويعلن مقاطعته للانتخابات الجزئية باعتبار فساد العملية الانتخابية من أساسها وتقادم القوانين المنظمة لها والتي تعود إلى سنة 1996
* يطالب الحكومة بتنزيل الفصل الثامن من الدستور المتعلق بتنظيم الحقل النقابي بوضع قانون للنقابات العمالية و وضع قانون للحوار الاجتماعي والشغل وخلق مجلس أعلى للحوار الاجتماعي يضم كل الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين، وملائمة هذه القوانين مع الاتفاقيات الدولية لمنظمة العمل الدولية، واعتماد قوانين جديدة شفافة وديمقراطية خاصة بانتخابات المأجورين
* يدعو إلى سحب مشروع قانون الإضراب وإشراك جميع المركزيات النقابية في تعديل المشروع الحالي والتوافق حوله؛ وإعطاء الأسبقية لتنزيل قانون النقابات العمالية كأولوية دستورية وتشريعية ضرورية
* يحيي عملية التنسيق النقابي الثلاثي ويعبر عن انفتاحه على كافة المركزيات النقابية لخوض معارك نضالية وتضامنية، خاصة في مواجهة ارتفاع الأسعار والوقوف ضد المشروع المقياسي الترقيعي لإصلاح نظام التقاعد وفرض قانون تكبيلي لممارسة حق الإضراب
* يجدد دعمه وتضامنه المطلق مع حركات المعطلين حاملي الشهادات والدكاترة المعطلين وحقهم في الإدماج في أسلاك الوظيفة العمومية والتعليم العالي والمؤسسات العمومية والجماعات والجهات الترابية
* يدعو إلى حماية الحقوق الإنسانية للمهاجرين بإيوائهم في مراكز خاصة وتمكينهم من أدوات الحماية من البرد والتغذية والتخلي عن عمليات الترحيل الارتجالية
* يعبر عن رفضه لمشروع الإصلاح المقياسي لنظام التقاعد، ويطالب بتوحيد صناديق التقاعد في صندوق واحد تحدد فيه أجرة المعاش على أساس آخر أجرة ومعامل 2.5
* ينادي بإصلاح شمولي لمنظومة الأجور والمعاشات وزيادة عامة في الأجور وفي معاشات التقاعد بنسبة لا تقل عن 25 في المائة، وفتح المجال للتقاعد المبكر وتعويض مناصب الشغل للمحالين على التقاعد بالأطر المعطلة حاملي الشهادات الجامعية والتقنية
* يطالب بتخفيض الضريبة على الدخل وإلغائها بالنسبة لمعاشات التقاعد
* يحث على مراجعة المعدلات الضريبية على المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا وعلى مهنييي النقل، وإلغائها بالنسبة للفلاحين الصغار
* يجدد دعوته إلى مراجعة الأنظمة الأساسية لكل الأطر بالوظيفة العمومية والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، وإضافة درجتين جديدتين للترقي خارج السلم والدرجة العامة
* المطالبة بإدماج حاملي الشهادات الجامعية والتقنية في السلاليم المناسبة، وخلق إطار لحاملي شهادة الدكتورة مطابقة لأستاذ التعليم العالي وخلق تعويض عن العطالة لخريجي الجامعات في أفق إدماجهم وإلغاء التوظيف بالعقدة
* يعبر عن تضامنه الكامل مع الأخ أمين لحميدي الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، وتوقيف عملية الاستهداف التي يتعرض لها لإسكات صوته في الدفاع عن حقوق الصحافيين والتقنيين والمهندسين والإداريين بالشركة الوطنية، كما يعبر عن تضامنه مع الأخ الحر إبراهيم الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للصيد البحري بسيدي افني، ويطالب بفتح حوار جدي مع المكتب النقابي وحماية الثروات السمكية
* يهنئ المناضلة الصحفية نجيبة جلال على الثقة التي حظيت بها من طرف الجمع العام لقيادة المنظمة الديمقراطية للصحافة والإعلام المنضوية تحت لواء المنظمة الديمقراطية للشغل
وحرر في الدار البيضاء، في 29 يناير 2023
عن المكتب التنفيذي الكاتب العام: علي لطفي