امراسلة – حسن لكحل
أقدمت إدارة ” الكنوبس” مرة أخرى على إصدار مذكرة تحمل رقم 1-2023 تخبر فيها المنخرطين في الصندوق باعتمادها، ابتداء من فاتح يناير 2023 تخفيض التعويض على مستوى طب الأسنان من خلال سقف للتعويض عن التيجان من المعدن والسيراميك بالنسبة للقطاع الإجباري في 5000 درهم سنويا لكل مستفيد، وهو قرار أحادي اتخذ خارج القوانين و المراسيم التطبيقية للقانون 65.00 ونظام التامين الإجباري الأساسي عن المرض، و يضرب في العمق أهداف ومبادئ التأمين الصحي، بل سيرفع مرة أخرى من النفقات التي سيتحملها المنتسبون و أسرهم و ذوي حقوقهم
الصندوق سيعطل عملية التعويضات السنية لسنوات، خاصة حينما يتعلق الأمر بالأطفال والمسنين، كما سيكون لهذا القرار الأحادي أثارا سلبية على خدمات أطباء الأسنان بالمغرب، الذين سيتضررون بدورهم من تبعات وتداعيات هذا القرار التسقيفي والمفاچئ، والذي يأتي في وقت تسارع فيه الحكومة المغربية الخطى لتنزيل القوانين المتعلقة بالمشروع المجتمعي الملكي، المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية وضمنها تعميم نظام التأمين الإجباري الاساسي عن المرض، وفق الأهداف النبيلة التي رسمها جلالة الملك لصون كرامة المواطنين المغاربة، ودعم قدراتهم الشرائية، وتوفير الحماية للطبقة العاملة وصون حقوقها الاجتماعية، كما أنه يأتي في نفس اليوم 6 يناير 2023، الذي انطلقت فيه المفاوضات بين وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، برئاسة السيد وزير الصحة البروفسور خالد ايت الطالب، والمدير العام للوكالة الوطنية للتأمين الصحي، الدكتور خالد لحلو مع كافة الشركاء مقدمي الخدمات وممثليهم، ويتعلق الأمر بالمجالس الوطنية للهيئات المهنية الطبية، و المجلس الوطني للهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء، والمجلس الوطني لهيئة أطباء الأسنان الوطنية، ورؤساء المنظمات النقابية ذات الطابع الوطني لمقدمي الخدمات الصحية، و النقابة الوطنية للطب العام، النقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر، المجمع النقابي الوطني للأطباء الأخصائيين بالقطاع الخاص، الفدرالية الوطنية لنقابات أطباء الأسنان بالقطاع الحر بالمغرب، والجمعية المغربية للمصحات الخاصة – ومدراء الإدارة المركزية لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، حول “الإطار الاتفاقي النموذجي” المتعلق بالاتفاقيات الوطنية المرتبطة بالتأمين الإجباري الأساسي عن المرض، والتعريفة المرجعية الوطنية للخدمات الصحية، التي تعود إلى سنة 2006، من أجل اعتماد آليات جديدة تأخذ بعين الاعتبار المتغيرات على المستوى الدولي والوطني، و متطلبات التشخيص و العلاج والتكنولوجية الطبية والبيوطبية والمسؤولية الطبية والأخلاقية في حماية حقوق المرضى، وتحسين جودة الخدمات و تأمينها من المخاطر والأخطاء، وتحسين ولوج المواطنات والمواطنين إلى ما يحتاجون إليه من خدمات صحية ذات جودة عالية و خدمات طبية حديثة تستجيب للمعايير الدولية في الجودة والسلامة الصحية، و بأسعار في المتناول والقدرة على تحمل نسبة من نفقات العلاج، دون تعريضهم لخطر النفقات الكارثية، خاصة أن الأسر المغربية ظلت تؤدي من جيوبها ما يعادل 54 ٪ من التكاليف الإجمالية للصحة، وأن نسبة التحمل التي يؤديها المنخرط من جيبه انتقلت من 20٪، التي يسمح بها القانون إلى 37٪ بسبب ارتفاع ما يتحملونه مباشرة والاقتطاعات المستمرة التي يقوم بها الصندوق من القيمة الحقيقية في استرجاع مصاريف العلاج التي تبقى ضعيفة جدا، مقارنة مع النفقات التي يؤديها المنخرط بشكل مباشر .. فضلا، عن ما يتحمل المنخرطون كفرق، هذا إضافة إلى عوامل أخرى تتعلق” بالنوار” و “شيك الضمان ” .. ممارسات تقع خارج الضوابط والقوانين المؤطرة للتأمين الصحي الإجباري تؤدي إلى حرمان المؤمنين من موظفي الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية والطلبة من حق مكتسب اليوم
سبق أن صرحت الجمعية الوطنية للمصحات الخاصة والتجمع النقابي الوطني للأطباء الأخصائيين بالقطاع الخاص تأثيرعدم مراجعة التعريفة المرجعية على ولوج المغاربة للعلاج وتحمل تكلفة مهمة من نفقاته، حيث يضطر المريض إلى أداء حوالي 60 في المائة من نفقات العلاج، بينما لا تؤدي الصناديق سوى 30 في المائة، وطالبت بمراجعة التعريفة الوطنية المرجعية على أسس جديدة تضمن حقوق المرضى ومقدمي الخدمات واستدامة نظام التامين الصحي
بعد أن قام الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي “الكنوبس” وبشكل منفرد بتسقيف خدمات النظارات الطبية، وبعد أن كان نفس الصندوق قد لجا إلى قرار خطير يمنع التعويض عن أدوية كوفيد -19، ولم يتراجع إلا بعد أن راسلت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة رئيس الحكومة و السيد وزير الاقتصاد والمالية الذي تدخل وأجبره على إلغاء قراره وظل الصندوق يماطل في التعويض عن فحص “PCR” أو ما يعرف بفحص “تفاعل البوليميراز المتسلسل” لفيروس كوفيد -19، الذي كان شرطا ضروريا للسفر أو للتنقل أو ولوج الإدارات العمومية .. هذا بعد قراره المتهور المتعلق بالولادات القيصرية وتدخله في القرار الطبي بإصداره لقرار أداء مستحقات كل عملية قيصرية غير مبررة طبيا على أساس تعريفة الولادة الطبيعية، واشترط إدلاء منتجي العلاجات بتقرير طبي يعلل أسباب اللجوء إلى التدخل الجراحي قبل أداء نفقات أي عملية قيصرية، وتدخلت وزارة الصحة مرة أخرى لتنيه على شروده ولا يحقه له التدخل في القرارات الطبية
ها هو اليوم، يعود بقرار انفرادي خارج القانون بتسقيف العلاجات التقويمية للأسنان، دون موافقة الوكالة الوطنية للتأمين الصحي وموافقة الحكومة على هذا القرار، وصدوره بالجريدة الرسمية .. وبالتالي، يعتبر قرار غير قانوني، هذا فضلا عن أن ألاف المرضى مصابون بأمراض السرطان يستهلكون أدوية بأسعار مرتفعة جدا، ولا يتم تعويضها، أو يتم تسقيف مدة التعويض بدعوى أن ثمنها غالي أو إنها لم تخضع لدراسة الفعالية والجودة رغم أنها تباع في الصيدليات .. وذلك، ضدا على القانون 65.00 بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية
إن الوكالة الوطنية للتأمين الصحي، هي الجهة الموكول لها تحديد لائحة الأدوية والخدمات الصحية ونسب التغطية والتعويض، تحت إشراف وزارة الصحة والحماية الاجتماعية والاقتصاد والمالية وصناديق التامين الصحي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي CNSS والصندوق المغربي للتأمين الصحي ومجالسها الإدارية، التي يرأسها رئيس الحكومة، السيد عزيز اخنوش، بجانب وزارة الصحة والحماية الاجتماعية و وزارة الاقتصاد والمالية، والوكالة الوطنية للتأمين الصحي .. هم صناع القرار، وما على صناديق التأمين إلا التنفيذ واحترام القانون وعدم انتهاك حقوق المؤمنين والحكامة والشفافية في تدبير مالية صناديق التأمين الصحي
فخلافا لهذا، ظل صندوق “الكنوبس” المنتهية صلاحيته منذ صدور المرسوم بقانون، المتعلق بالصندوق المغربي للتأمين الصحي في 18 أكتوبر 2018 بالجريدة الرسمية، ظل يتخذ قرارات بشكل منفرد، كأنها “شركة تأمين صحي خاصة” لها كامل الصلاحيات في تحديد نسبة التعويض، واختيار الخدمات الصحية التي يمكن أن تعوض عنها من عدمه، أي دون عرض القرار على سلطات الوصاية، ولا على الوكالة الوطنية للتأمين الصحي هي التي لها صلاحية التأطير القانوني وضبط التوازن أن المالية لصناديق التامين الصحي، والعلاقات التي تربط بين مختلف مقدمي الخدمات وصناديق التأمين الصحي، تحت إشراف وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، و وزارة الاقتصاد والمالية، أنه العبث لحقوق ومكتسبات المنخرطين ومساس خطير بالأهداف النبيلة للمشروع المجتمعي الملكي، المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية، ورفع القدرة الشرائية للمغاربة، فقد كان على “الكنوبس” أن ينتظر المصادقة على التعريفة الوطنية المرجعية لخدمات طب الأسنان بما فيه التعويضات السنية أطقم الأسنان والكسور وزراعة الأسنان، خاصة أن أغلب المسنين المغاربة يعانون من فقدان الأسنان، كما أن عدم طلب رعاية الأسنان يمكن أن يكون له عواقب وخيمة، تم ربط صحة الفم السيئة بعدد من المشاكل الصحية المختلفة، بما في ذلك أمراض القلب والسكتة الدماغية والسكري ومشاكل الجهاز التنفسي، بالإضافة إلى ذلك، فإن عدم العناية بالأسنان يمكن أن يؤدي إلى فقدان الأسنان خاصة لدى الأطفال والمسنين
تأسيسا على ما سبق، نتوجه مرة أخرى للسيد وزير الصحة والحماية الاجتماعية و وزارة الاقتصاد والمالية للعمل سريعا لتنزيل القانون المتعلق بالصندوق المغربي للتأمين الصحي، و وضع حد للفوضى التي يمكن أن تؤثر على نبل وإنسانية هذا المشروع الملكي، الذي يستهدف صيانة كرامة المغاربة، كما نطالب بعقد اجتماع لمجلسه الإداري الجديد، للقيام بمهامه وصلاحيته، تحت إشراف الحكومة، وليس مستقلا عنها، واحترام حقوق المنخرطين وذويهم ومقدمي الخدمات الصحية
علي لطفي
رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة