أخنوش وتمرير ميزانية التوحش الطبقي بأغلبيته المريحة ..!
من أي زاوية تناولنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة ميزانية الحكومة الجديدة، فإننا لا نجد ما يبرر مناقشتها، لأنها نسخة من الميزانيات التي حرصت الحكومات السابقة على صياغتها، و لا تعكس أي مجهود من أحزاب التحالف التي تدعي الليبرالية والتدبير الديمقراطي الاجتماعي، ولا حتى التوافق مع توقعات النموذج التنموي الذي سيرهن الوطن طيلة الولايتين التشريعيتين، ولا حتى من التوجهات الملكية التي تؤكد على تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، و ربط التوازنات المالية مع انتظارات المغاربة، التي لا تظهر في ميزانية 2023، ما يؤكد على تحررها من حزمة التوجيهات المفروضة من المؤسسات المالية الدولية، والتي يتزايد تفاقمها مع فشل حكومة أخنوش في التعاطي مع عواقب كوفيد 19 وأزمة غلاء المحروقات والمواد الاستهلاكية، التي بخرت ما تبقى من صمود في القوة الشرائية لعموم المواطنين اتجاه معطيات إكراهات الأزمة التي لم يفتح رئيس الحكومة حولها الحوار المجتمعي من أجل إيجاد واقتراح الحلول الممكنة لتجاوز ضغوطها وإفرازاتها التي بدأت تطفو على السطح في المعيش اليومي للمواطنين، والذي إذا لم تعالج كوارث هذه الأزمة التي صنعتها الحيثان في مختلف الصناعات الاقتصادية ستؤدي إلى التصعيد وفق الاحتقان و الاحتجاج في صفوف السواد الأعظم من فقراء الوطن المتضررين منها، ومن مخلفات السياسات الحكومية السابقة ستكون أفضع، وهذا ما لا نريده لهذه الحكومة المطالبة بعلاج الأزمة واقتراح الحلول الكفيلة بتجاوز عواقب الأزمة وإكراهاتها
ليس في مسودة الميزانية الجديدة إلا اقتراحات وتوجهات التكنوقراط الحريصين على فرض التوجهات التفقيرية والتقشفية، التي لا تراعي مخاطرها وعواقبها، بالرغم من مداخلات المعارضة، التي وجدت نفسها مجبرة بالقبول بمواد الميزانية ومعارضة المصاريف، حيث لم يصل مستوى النقاش في جلسات اللجان أو في الدورة إلى ما يساعد على الاقتناع بشرعية الأغلبية والمعارضة .. أما الحكومة التي كانت مرتاحة بأغلبيتها فلم يكن هناك جديد على ردودها وأجوبتها واقتراحاتها، مما يؤكد أن ميزانية أخنوش جاءت لتعزز الوضع الطبقي المتوحش المعززة للفقر وضعف الخدمات والارتهان الواضح للمؤسسات المالية الدولية
لم يخرج لقجع الوزير المنتدب المكلف بالميزانية عن من سبقوه في إعداد ميزانية 2023، التي لم يخرج عن مظاهرها الضيقة المتوحشة، بالرغم من لغة التسويق والوعود الكاذبة، التي توجهها سواء في إصلاح الواقع الاقتصادي أو تطويره، وحتى استغلاله في محاربة الفوارق الاجتماعية والمجالية، وضعف ضغوط المؤسسات المالية الدولية التي تتحكم في اختياراته، سواء في الموارد أو النفقات، وحتى في ملازمته للنموذج التنموي، حيث لا جديد في الاجتهادات الحكومية لتكريس المجتمع الديمقراطي الحداثي، أو في إقرار التوازنات الماكرواقتصادية ورفع معدلات التشغيل وخدمات قطاعات الصحة والتعليم وعواقب كوفيد 19 وتقلبات الأسعار في الأسواق الدولية وآثار الحرب الروسية الأوكرانية
من زاوية أخرى، حمل مشروع قانون المالية لسنة 2023 ضعفا في المواد، سواء القارة من الإنتاج الفلاحي أو المعدني، وحصر توقعاته في مدخول الضرائب الغير مباشرة، وفي مجال المصاريف تم التركيز على قطاعات التعليم والأمن والدفاع والصحة، التي سيتجاوز 75 %، وترك الباب مفتوحا للانتظار بالنسبة للتجهيزات الكبرى ومخطط النموذج التنموي والدولة الاجتماعية، التي ستشمل في السنة الأولى حوالي ثمانية ملايين وقد نجحت الأغلبية في تمرير مشروع الميزانية