كتب ذ. يوسف الإدريسي
مباشرة بعد وفاة نهاد إثر معاناة مع مرض السرطان، انكشف الغطاء عمن نسميهم زورا بالرقاة، أو ذاك الراقي الذي يدخل بين الجلد والعظم، ليترك في الأخير جرحا غائرا بدل ذاك الشفاء الزائف
ما أبشعها صورة ومشهدا أن تصبح حكاية نهاد قبرا لاحدا لراقٍ مازال إلى حد الآن يتنفس هواء الأرض
لا تطلبوا مني الإفصاح عن حكاية نهاد مع راقي الرقاة، فقط لأني أحترم مراحل التقاضي ومساطر القضاء .. لكن، كل ما يمكنني قوله الآن؛ هو أن الموت موجع للغاية .. إلا أن الأكثر وجعا وإيلاما هم أولئك الذين يموتون فينا وهم أحياء يُرزقون .. يموتون بأفعالهم الدنيئة وجشعهم البئيس وخيانتهم الكبرى، لأشخاص كانوا معهم لحظة بلحظة، وهم على شفا حفرة من الموت
هذه كلمات مني لك أختي نهاد، وأنا الآن أقوم بتأبينك إلى مثواك الأخير .. أحفر قبرك بحبر قلمي، وأنثر عليك الحروف والكلمات .. لا شك، أنك التقيت هناك، في عالم البرزخ، بأمك للاحفيظة، وليس بالضرورة أن تكون أمك البيولوجية، لأن الوالدة من ربّت، وليست تلك التي أنجبت، لتتذكر بعد أكثر من ثلاثة عقود أنها حقا أنجبت
حتما ستوبخك هناك أمك حفيظة، كونك لم تنصت جيدا لنصيحتها قيد حياتها، حين قالت لك بالحرف الصريح؛ لا تبالغي ابنتي في الثقة كثيرا، لأن بيننا ذئابا في صفة بشر
ومع كل ذلك، سأنصب لك خيمة عزاء كبيرة، تعلوها يافطة خضراء مغطاة ومكتوب عليها لاثقة في الرقاة
نامي إذن، قريرة العين، وجعلك اللـه من الشهداء والصديقين