الأغلبية البرلمانية والعجز عن دعم حكومتها لحل أزمة الغلاء
لن نختلف مع الشعار الانتخابي، الذي تتغنى به أحزاب التحالف الحكومي الجديد، الذي يقوم على تبني الاختيار الحر الديمقراطي الاجتماعي في التدبير الحكومي، والذي يتناقض وبرامج التحالف في الانتخابات وسلوكاتها الفاسدة في كل المحطات الانتخابية، بداية بالترشح ونهاية بما تعتزم الحكومة التي يقودها التحالف إلى كيفية و وسائل إنجاح المرشحين الذين ينتمي جلهم إلى القطاع الخاص ورجال الأعمال والتجار والسماسرة في الاقتصاد، الذين يؤمنون حضورهم المجتمعي بما يوجد من قيم وقواعد الفساد المالي والسياسي والاجتماعي، وتوضح مداخلات الأغلبية هذه الحقيقة التي تشرح بقوة حقيقة زيف شعارات الأغلبية وحكومتها وحاجتها إلى ما يسمح لها كقوة أغلبية حقيقية
صحيح، أن العملية الانتخابية كانت شفافة في الصناديق .. لكن، إفرازاتها المنحرفة والفاسدة تبين بالملموس أن الأغلبية التي تكونت من هنا وهناك، والتي تتألف من البام والأحرار وحزب الاستقلال، التي لا تنتمي إلى الأغلبية اليمينية التقليدية المطبوخة التي عرفها المغاربة من قبل لا يمكن أن تكون فعالة ومؤثرة في الحياة البرلمانية
صدق رئيس جوقة التحالف الحكومي، حينما أكد خلال الحملة من أن فريقه يمتلك مشروع التغيير الديمقراطي، االذي يتطلع إليه المغاربة .. ونظن في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن أخنوش كان مصيبا في ذلك من خلال واقع أغلبيته التي تدافع عن مصالحها الاقتصادية والاجتماعية في تحليلاتها ومداخلاتها، سواء في جلسات الأسئلة الشفوية، أو الجلسات الشهرية لمحاسبة الحكومة .. خصوصا، في متابعتها لتداعيات كوفيد 19، وغلاء الأسعار، حيث تفتقر إلى الوعي والإحاطة بهذه القضايا، ولا تملك الحلول التي يمكن أن تستجيب لمطالب المواطنين المتضررين من الجائحة وجنون أسعار المحروقات والمواد الاستهلاكية
إنها أغلبية متجانسة في ثقافة النهب السياسي الاقتصادي، الذي يتطلع إلى المزيد من الأرباح على حساب الاقتصاد الوطني، وتأمين نفوذها الطبقي حتى وإن كانت تهدد السلم الاجتماعي، ويوفر أسباب الاحتجاج والاحتقان التي تتزايد اليوم في صفوف فقراء الوطن، وتبحث عن ما تدافع به على مصالحها المفضوحة التي تعري عن موقفها الحزبي من استحقاق 08 شتنبر، وما رافقه من عمليات تزوير وتدليس، التي نجم عنها أو كانت وراء هزال وبؤس البرلمان الجديد لتصل إلى الأحكام الجاهزة عن محتوى القانون المالي البعيد في نظرها عن انتظارات المواطنين وجملها الرنانة عن الإصلاحات الديمقراطية وحقوق المواطنين ومحاربة الفساد والملكية البرلمانية
بالنسبة لمواقف أحزاب المعارضة الأخرى، لم يكن هناك جديد، حيث حاولت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية إثارة القضايا الجوهرية في مشروع القانون المالي، دون أن تطرح البدائل عن ما تراه يستجيب لانتظارات المواطنين المغاربة .. اللهم التهكم بسخرية عن بؤس المشروع المالي فيما يتعلق بالموارد والمحافظة على ما كانت حكومتهم في عهدي ابن كيران والعثماني تعتمد عليه لتحقيق التوازن الماكرواقتصادي للوفاء لنصائح المؤسسات المالية الدولية اتجاه تقليص الإنفاق المالي الاجتماعي، وتسديد أقساط الدين الخارجي والداخلي، والافتقار إلى القرارات السيادية في ميزانية التجهيز، وتخفيض الإنفاق على التدبير الحكومي .. وهذا ما تعاطى معه الفريق الذي يمثل التقدم والاشتراكية، الذي ركز على محاربة الفساد المالي، دون أن يكون شجاعا في تحديد الأطراف المعنية به، والتباكي وراء ضعف ميزانيات القطاعات الاجتماعية
لن نحكم على قناعة الأغلبية التي كانت جاهزة على ما قررته في ميزانتي التدبير والتجهيز، التي حرص واضعوها من تكنوقراط وزارة الاقتصاد والمالية والميزانية على أن تكون مطابقة للنهج التدبيري المالي الذي اعتمدت عليه جميع الحكومات السابقة مع الإعلان عن بعض الإجراءات المتعلقة بالتجهيز المرتبطة بالنموذج التنموي الجديد في التشغيل وإقرار الإجراءات التي تستهدف الدولة الاجتماعية، التي تحاول حكومة الأغلبية الاختفاء وراءها في مواجهة تداعيات كوفيد 19، وجنون أسعار المحروقات، والمواد الاستهلاكية، التي تحملها للأوضاع الدولية، و لا تريد، أن تفكر في الحلول القادرة على إقرارها من مواقفها الحكومية، مما يعني أن المعارضة في هذه الرؤيا التي تطرحها، تؤكد أنها منشغلة بأمور أخرى ومطمئنة لأغلبيتها المريحة العددية، التي تدافع عنها بالتصويت الإيجابي على قراراتها ومواقفها، بحكم التبعية والتحكم الذي تمارسه عليها قياداتها الحزبية .. وبالتالي، أن هذه الأغلبية تظل يتيمة من العناصر المؤهلة للحديث باسمها ومجرد أغلبية صوتية صورية باهتة، وتستدعي نمط جديد للأغلبية التي تجيد استعراض عضلاتها ومبرراتها الفاقدة للمصداقية والشرعية خارج سلاح قوتها العددية فقط