ذ. عبد اللـه عزوزي
كوننا مواطنو بلد تحتل فيه دولة أجنبية جار، في مشهد استعماري مقرف، غير مسبوق، و استثنائي، مدينتين من مملكة عمرها ثلاثة عشر قرنا تقريبا، هو فعلا واقع غير مفهوم، و يقول الشيء الكثير عنا و عن بطولاتنا و انتصاراتنا، و انتخاباتنا، و “وطنية” حكوماتنا المتعاقبة، و عن نموذجنا الذي طالما انشغلنا بتسويقه إلى إفريقيا، كما دأبت على إخبارنا به صحافة وطن بتراب محتل- تراب مدينتي سبة و مليلية
هذا الواقع هو فعلا بمثابة ورم خبيث نائم في جسد الوطن، سيقض مضاجع المواطنين ذوي الضمائر الحية
أما الموتى و القابعين خلف الأسوار فلا تتريب عليهم .. إنه واقع محرج و مخزي للغاية .. أن تكون شاهدا على موت عابر السبيل، الذي اجتمعت في سحنته معالم الظلم، و الاستعمار و العبودية، و الفقر، و السير على خطى الأنبياء الذين كانت الهجرة جزءاً من حياتهم و سيرتهم ..
واقع سبتة و مليلية، واقع مُغَيَّبٌ تماما في برامج الأحزاب و رؤساء الحكومات، بيسارها و يمينها، كما أنه خارج رادارات وسائل الإعلام، و المقررات المدرسية، إلا من إشارات محتشمة تقترب من الأماني ..
في باب سبتة أو مليلية (و الذي لا يأتي ذكرهما إلا مقرونان بمصطلح “الباب”)، الذي يرمز للتقابل بين “المالك” و “الزائر”) و أنت قادم من مدينتك أو قريتك في جهة من المغرب، سيلزمك الشرطي المغربي (إن لم يكن مجنسا بعد) بشهادة “مغادرة التراب الوطني” لكي تدخل لمدينة من مدن وطنك .. و هذه الواقعة حدثت معي بالفعل في 2008 !!
على الشباب المغربي، أن يعرف أن الشباب الإفريقي ليس أقل طموحا، و كرامة و كرما و تفردا .. نعم، قد تكون هناك استثناءات سيئة .. لكنها، استثناءات لا يقاس عليها .. ما يقوم به الشباب الإفريقي في طريق بحثه عن الكرامة و العيش الكريم هو برهان ساطع على هِمَّةِ تلك العقول؛ و علينا أن لا نسقط ضحايا إعلام مفلس، عديمِ الرؤية و مليء بالتناقضات، يحاول جاهداً أن يصور لنا “الشاب الإفريقي” بأنه كائن قريب إلى عائلة الحيوانات الوحشية ..!
لا شك، أن من بين من سقطوا على عتبة مدينة مليلية فيهم الكثير من أشباه ديديي دروغبا و ساديو ماني و vu إيطو، بلغة القوم، و غيرهم من العلماء و الطلبة المتفوقين، الذين يواصلون بناء حضارة الإنسانية في معاهد و جامعات أمريكا و كندا و أوروبا، كان طموحهم أن يثبتوا عظمتهم و يغيروا واقعهم و واقع غيرهم