ماكرون والفوز الانتخابي الرئاسي لضمان بقاء حركة إلى الأمام في الحكم
رغم الفرق البسيط بين المرشحة عن التجمع الوطني، مارين لوبان، ومرشح حركة إلى الأمام، إيمانويل ماكرون، الرئيس الحالي في هذه الانتخابات الرئاسية، فإن نسبة 58.2 % تترجم الإجماع الفرنسي حتى تظل فرنسا حصنا للديمقراطية وحقوق الإنسان، التي لا تؤمن بها مارين لوبان .. ونظن في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن الفوز بالعهدة الثانية سيحمل الرئيس ماكرون مسؤوليات جسيمة للحفاظ على إجماع الفرنسيين، عبر الاستجابة لمطالب الشباب والإدارة التنموية للاقتصاد، الذي تضررت منه الطبقة الوسطى والعمال وذوي الدخل المحدود، وإصلاح حقيقي لنظام التقاعد، ومضاعفة الجهد في المجال البيئي، وصيانة وحدة أوربا في إطار الاتحاد الأوربي
إذن، يشكل فوز إيمانويل ماكرون في الانتخابات الرئاسية الفرنسية ب 52.2 انتصارا لتجربة إلى الأمام، من أجل تفعيل برنامجها الانتخابي في العهدة الثانية أمام البرنامج الشمولي المتطرف مارين لوبان، التي خسرت للمرة الثانية في هذه الانتخابات، رغم تطور نسبة نجاحها إلى 41.58 % وبهذا الانتصار الصعب سيكون ماكرون وحركته أمام مهام صعبة لتأمين الفوز بالانتخابات التشريعية، التي ستجري في يونيو 2022، حيث لن يفوز فيها إذا لم يتمكن من مواصلة الإصلاحات في الجمهورية الخامسة، التي تنتظر منه المزيد في الرفع في القوة الشرائية وتجاوز تداعيات كوفيد 19، وتمتين الوحدة الأوربية، وحماية البيئة وتحسين العلاقات الخارجية الفرنسية، والاستجابة لمطالب الفرنسيين في التقاعد، وضمان مساندة النقابات الفرنسية التي حركتها في الاحتجاجات التي قادتها حركة “الجيليات” الصفراء
إن حركة إلى الأمام، مدعوة بعد هذا الانتصار لماكرون في الانتخابات الرئاسية إلى إعادة النظر في برنامجها، والاستجابة لمطالب الفرنسيين في المجالات التي لا زالت مغيبة حتى الآن، التي رفعت من أسهم لوبان، ومقاطعة أكثر من 28 % من الناخبين في ممارسة حقهم الانتخابي، والذين يمكن استدراجهم في الانتخابات التشريعية في يونيو الجاري، مما يمكن أن تتشكل منهم معارضة قوية لماكرون في هذه العهدة الثانية .. خصوصا، إذا رفعت من أسهم مارين لوبان التي تمثل اليسار الوطني المتشدد، الذي يمكن أن يعرقل الإصلاحات التي وعد بها ماكرون الناخبين .. خصوصا، وعده بالعمل لصالح جميع الفرنسيين
ما يترجم الاستمرارية في فوز ماكرون هو نسيان الرفض الشعبي للرئيس وحركة إلى الأمام، من خلال الاحتجاجات النقابية و الاحتقان الذي عرفته فرنسا مؤخرا ضد سياسته الاقتصادية والاجتماعية، التي عمقت تدمر الفرنسيين من القرارات التي اتخذها في التقاعد و واقع الشبكة الأجرية التي تضررت من الارتفاعات المتتالية في التضخم، الذي انهارت فيه قوتهم الشرائية .. خصوصا، ذوي الدخل المحدود، و وضعية الخدمات في القطاعات التعليمية والصحية والهجرة والضرائب والأمن في ضواحي المدن الكبرى، وغيرها من القضايا الداخلية المطروحة بحدة إلى الآن، التي يترقب الفرنسيون معالجة تداعياتها بالرغم من نجاح ماكرون وحركته في إضعاف المكونات الحزبية والنقابية، خاصة في اليسار والاشتراكيين وحركة الخضر وأنصار البيئة
إنه فوز بطعم التحدي الديمقراطي، الذي راهن عليه ماكرون مباشرة في كل الحملة الانتخابية التي لم تخل من ردود فعل الشارع ضد سياسته، التي وصلت في بعض الأحيان إلى الاعتداء عليه شخصيا في المناطق التي لم تستفد من إدارته ومن البرامج التي كان يسوق لها، والتي لم يتمكن من احتواء آثارها المرتبطة بالإرهاب، الذي تضررت منه فرنسا بالمقارنة مع باقي أوربا