ندوة مركز الفقيه التطواني والمزايدات المسرحية ل. عبد اللطيف وهبي ونبيل بنعبد اللـه ..!
لم يكلف المتدخلون من المعارضة والأغلبية أنفسهم بمصارحة الحاضرين في ندوة مركز الفقيه التطواني، حيث وجدوا في الرهان على تبرير المواقف والقراءات وضعف مضامين الاختيارات والبرامج مما فتح المجال لإضفاء الشرعية على المزايدات المسرحية لكل من الأغلبية والمعارضة في تقييم العمل الحكومي، ونتائج الوضعية التشريعية والاقتراحية، وتحميل المسؤولية للمجهول، عوض أن تكون المناسبة لفتح المسكوت عنه، الذي حاول المتدخلون في المناقشة الاقتراب منه رغم المحاولات اليائسة لممثليهما، والالتفاف عليه من حين لآخر خلال الندوة، التي لم يكن فيها ما يمنحها المصداقية في المواقف المعلنة، أو تلك التي حاولا التهرب من الإفصاح عنها
ما يكشف عن هول الترهل الذي أصبحت عليه مواقف الأغلبية والمعارضة، هو مدى الوعـي بالدور المنوط بهما في المؤسسات المنتخبة الوطنية والجماعية والجهوية
إذن، ماذا قدمت الأغلبية والمعارضة في المؤسسات حتى الآن من مقترحات وبرامج واقتراحات للنهوض بأداء المؤسسات المنتخبة وتطوير الاستجابة لمطالب المواطنين ..؟
وأي قيمة مضافة يمكن للمعارضة والأغلبية في نموذجهما المغربي أن تقدمها للمغاربة للاطمئنان على مسـار المنتوج التشريعي والتنموي والمحاسباتي، الذي يجب أن يقوما به ..؟
إن ما تخلل ندوة مركز الفقيه التطواني، يوضح بالملموس إصرار طرفي المشهد السياسي الوطني على تجميل الواجهة، وتلميع الحضور، دون إنجاز، بل فقط “تعمار الشوارج” لإثارة الانتباه وتبين اختيارات الأحزاب المنخرطة في الأغلبية والمعارضة في غوغائيتها الملموسة حتى في التعامل مع توجهات النموذج التنموي، الذي سيرهنهما طيلة هذه الولاية التشريعية، حيث أن الهندسة في توزيعها داخل الأغلبية والمعارضة لا توجهه محاور وأوراش واضحة يمكن الاستئناس بها في إبراز دورها في الأغلبية أو المعارضة، ولا في نموذج الحضور الذي عاشه المغاربة خلال التجارب السابقة .. اللهم تراجع رصيدهما التاريخي والنضالي، إلى الدرجة التي أصبح رجـل الشارع يسخر منهما بتلقائية وعفوية تكشف عن الوعـي المبكر بالفراغ والديماغوجية، التي تترجم خطابهما الباهت والفاشـل
بالفعل، نحن في حاجة إلى مثل هذه الندوات حتى يتابع المواطنون عن قرب ما وصـلت إليه المعارضة والأغلبية رغم التوجهات الملكية بضرورة تقديم العطاء المطلوب منهما، كما تفرضه الوضعية الراهنة في التعامل مع عجزهما في اقتراح الحلول والمخرجات، سواء للتعاطي مع تداعيات جائحة كورونا، وغلاء المحروقات والمواد الاستهلاكية
يجب أن يعلم عبد اللطيف وهبي ونبيل بنعبد اللـه، أن التقارب بينهما في المرجعية لا يعني الاندماج الإيديولوجي، ففي ما يخص توجه الأصالة والمعاصرة هو الاحتكام إلى المنظومة الدستورية والقوانين الدولية الحداثية والديمقراطية في التأطير والنضال ذات الصلة، إضافة إلى التمسك بالمنظومة الحقوقية التي تخدم الحزب وتمكنه من تفعيل بعض اختياراته، من أجل الدمقرطة التي توجه الأنظمة الحزبية الليبرالية المعاصرة .. ناهيك عن عدم التفريط فيما يقربه من اليمين المحافظ النيوليبرالي المتوحش، المعاكس للتوجه الديمقراطي الاجتماعي، وهذا ما يتناقض والتقدمية الديمقراطية لحزب نبيل بنعبد اللـه، الذي يؤمن حتى النخاع بتوجهه الليبرالي الديمقراطي الاجتماعي المنفتح، الذي قد يتخالف فيه مع أقصى اليمين المحافظ في العمل، سواء في المعارضة أو الأغلبية
ما نرجوه في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، هو اقتناع أطراف التحالف الحكومي بضرورة الرهان على الممكن في توجهات برامجهم الانتخابية، التي يسمح بالإنتاجية والفاعلية والشفافية في التدبير والتشريع والتنفيذ
أما المعارضة التي فقدت نجمها، والتي لا تشبه تجربتها التجربة الاتحادية التاريخية، فيجب عليها أن تحرص على التفاعل حول أرضية معارضة مشتركة تراعي الحد الأدنى من مطالب المواطنين، التي لم تتمكن الحكومات المتعاقبة من تلبيتها، ولو بعرضها الساذج والمخدوم والفارغ، والحرص على تنفيذ المطالب القابلة للترجمة في التدبير والارتقاء بالخطاب المعارض، الذي يفضح التحالف الحكومي ويلزمه بضرورة مراجعة اختياراته ومبادراته لترجمة الممكن من المطالب المرفوعة من الناخبين