ذ. يوسف الإدريسي
بينما كنت أرتشف قهوتي الصباحية، قصدني أحد المواطنين رافعا صوته في اتجاهي؛ أنت من تكتب وتتكلم بالفايسبوك ..؟! وهو يحملني مسؤولية نزاعه مع صاحب سيارة أجرة، حين طلب منه أداء 30 درهما لنقل قريبته صوب المستشفى الإقليمي باليوسفية
بعد أن هدّأت من روعه، حاولت إقناعه بأنني لست رئيسا لجماعة اليوسفية ولا أمثل أي جهاز من أجهزة السلطة، كما أنني لست نقابيا أو فاعلا جمعويا .. فقط، أنا أكتب وأصر على الكتابة علّني أجد طريقا مع آخرين، بغاية تصحيح واقع سياسي وتدبيري نحن جميعا ضحاياه
حاولت أيضا، أن أوضح له كون صاحب الطاكسي هو نفسه ضحية سوء تدبير مرفق عمومي لم يحظ بالاهتمام اللازم، وأن مخرجات لقاء 19 مارس 2019 بين نقابات سيارات الأجرة ورئاسة مجلس الجماعة والسلطة المحلية، تنتظر هي الأخرى إرادة سياسية لتنزيل الاتفاقات والتعهدات
قبل أن أسترسل في الكلام، أدركت أنه لن يكون بمقدوره فهم هذه الحيثيات .. ومع ذلك، أصرّ صديقي الغاضب على أن أصل المشكل هو سائق الطاكسي وحده دون غيره، حين استغل مرض قريبته ليفرض عليه مبلغا غير مقبول
قلت له وأنا أنظر في عينيه الحمراوين؛ صحيح، أن صاحب الطاكسي أخطأ حين استغل ضعف المواطنين وحاجتهم، غير أن العتاب لا يجب أن ينصب كله على سائق سيارة الأجرة، بل العتاب كل العتاب يجب أن يُوجّه إلى سائقي كل شيء بالمدينة، لأن الذين يمسكون بمقود اليوسفية يتعاملون معنا وكأننا صبيان لا يفهمون شيئا ولا يجب أن يقولوا شيئا .. فقط، مهمتنا نحن المواطنين تنتهي عند مخادع التصويت .. هم السائقون العقلاء ونحن المواطنون البؤساء، ومن حقهم التصرف في الأموال العمومية وفي السفريات داخل الوطن وخارجه، والتحكم في أموال الصفقات وترضيات البوندكوموند وتفريعات المشاريع و الأوراش .. وإذا ما تجرأ أحد وفكر يوما في فتح فمه أو رفع قلمه، وقتها سيكون مآله الشكايات والمحاكمات والتشكيك في كرامته ونزاهته
قبل أن ينصرف صديقي الغاضب، قلت له: “نحن هكذا حين يفترسنا اللصوص الكبار، نلتفت عجزا إلى الوراء لنفترس بعضنا البعض، ونجعل أنفسنا فرجة ماتعة للانتهازيين والوصوليين ممن نزع اللـه من قلوبهم الرحمة وما تبقى من الإنسانية”