بين قوة موقف المغرب التحرري واستمرار التصعيد الجزائري
مع استمرار المؤامرات الجزائرية ضد المغرب، والدعـم اللامحدود لعصابات الانفصاليين، ورفض مشروع الحكم الذاتي، الذي اقترحه المغرب، يواجه مشروع اتحاد المغرب العربي مخاطر التبخر، بعد أن أعلن النظام العسكري الجزائري تصميمه على الاستمرار في الخط التصعيدي المناوئ لترجمة الوحدة الفعلية لشعوب المغرب العربي، وتفعيل مهام المؤسسات التي أنشأها لذلك، التي كان عليها أن تكون فعالة في البحث عن حل لهذا الصراع المفتعل، بدل تدويله واستمرار خلق الصعوبات والعراقيل في وجه مؤسساته
من العدل، أن نقول أن النظم العسكرية تحارب التوجهات السلمية لحل القضايا التي تواجهها في حدودها الجغرافية .. ويكفي، أن نشاهد ذلك في بؤر التوتر العالمية، التي تحاول الأنظمة العسكرية -التي تشارك فيها-، فرض سياسة الأمر الواقع على الشعوب المتضررة من وجودها في آسيـا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية .. وهذا ما تحرص عليه الجزائر في استمرار عدائها المزمن ضد المغرب الذي لم يتغير موقعه من الصراع، وإصراره على حل المشكل المطروح بالمفاوضات السلمية، بدل الدخول في نزاع عسكري لا يخدم مصالح الشعبين وأهداف المغرب العربي، التي يحاول الجزائريون تجاوزها، و وضع العراقيل في وجه المبادرات التي يعلن المغرب عنها، لإبقاء المنطقة خارج التضامن الذي يستفيد منه أعداء شعوب المنطقة
على امتداد عمر الصراع المفتعل، الذي تنشط فيه الجزائر تحت الستارة والدعـم الملموس للعصابة الانفصالية، الذي شهد تغيرا في سياسة النظام العسكري اتجاه المغرب وتوجهها الهيمني الواضح بالنسبة لباقي شعوب المنطقة، التي كانت تتطلع إلى استكمال بناء مؤسسات اتحاد المغرب العربي وممارستها لمهام في التوحيد والارتقاء بمشاريع التنمية في المنطقة، وتحويل الاتحاد إلى مستوى الاتحادات المجاورة في أوربا والخليج، وتحقيق آمال شعوب المغرب العربي في التنمية والديمقراطية والتحرير، التي رفعت شعاراتها منذ بداية حصول دول الاتحاد على استقلالها السياسي في الستينات، التي تعارض الجزائر اليوم تحقيقها بفعل الطموحات الاستعمارية والهيمنة للنظام العسكري، الذي لا يزال يمسك بالحكم منذ استقلال الجزائر
إن نظام الجزائر الذي لم يستوعب شروط المرحلة التي يمر منها واقع المنطقة، ويحاول عبثا الاختفاء وراء عرقلة المغرب في عدالة قضيته الوطنية، إنما يسعى إلى مواجهة حراك الشعب الجزائري المطالب بدولة مدنية وسلطة الشعب، وتقليص نفوذ البطانة الحاكمة، وتسخير موارد الدولة وثروة النفط لصالح حاجيات الشعب الجزائري المطالب بالديمقراطية والحرية، التي لم يتمكن الرؤساء المدعمون من جبهة التحرير من ترجمتها قبل اندلاع الصراع حول الصحراء المغربية، التي يعرفون أن المغرب لا يساوم أو يغازل في حقه فيها حتى لا تتكرر النكسة السياسية بتقرير مصير موريتانيا، التي كانت تطالب بها، بالإضافة إلى عـدم تنازله عن مطالبه بالصحراء الشرقية التي تسيطر عليها الجزائر اليوم منذ خروج فرنسـا منها
إن الأبواب لا زالت مفتوحة لتحقيق المصالحة مع المغرب، وتحويل الحدود إلى مناطق للتعاون المشترك لصالح الشعبين، والتي لا مفر من أن تكون كذلك في المستقبل، مهما كان، سواء المرحلة الراهنة التي يراهن النظام الجزائري عليها للمحافظة على بقائه في الحكم .. خصوصا، كما أعلن جلالة الملك محمد السادس حفظه اللـه عن ذلك في خطاب الذكرى 46 لمسيرة الخضراء المظفرة، من أن المغرب ليست له رغبة في الحرب مع أشقائه في الجزائر، وأنه منفتح على الحوار والسلم في هذه الفترة الدقيقة من التاريخ المغاربي، الذي سيكون مستقبله لصالح شعوبه، مهما كانت ضراوة الحواجز والعراقيل التي تحول دون شعوبه