اليسار المغربي المشارك وضرورة تحسين المرجعية والأداء والاختيارات
مهما كانت نتائج أحزاب اليسار المشارك في الاستحقاق الانتخابي الأخير، فإن الرهانات عليه لا زالت تتعاظم من قبل عموم المواطنين، سواء في المعارضة بغرفتي البرلمان، أو في المجالس الجهوية والجماعية .. ونظن في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن قياداته تعرف حجم التحديات والمهام المطلوبة منه .. ناهيك عن ضرورة تطوير تجربته الحزبية في التأطير والتنظيم وتقوية ثقة و وعي المواطنين في توجهاته وبرامجه النضالية .. ويتبين اليوم أن الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية اللذين فازا بمقاعد محترمة في الغرفة الأولى، يمكن أن يطورا حضور اليسار ودوره في التشريع ومراقبة العمل الحكومي، ومواجهة التحالف الليبرالي اليميني، الذي يملك الأغلبية في الحكومة أو البرلمان اليوم
لن نتحدث عن اليسار الآخر، سواء الممثل لفدرالية اليسار والحزب الاشتراكي الموحد، أو اليسار الغير مشارك في المجالس المنتخبة، كالنهج الديمقراطي، الذي تراجع إشعاعه نتيجة اختياره الإيديولوجي، ومقاطعته المستمرة للعملية الانتخابية، الذي لا زالت حركة العدل والإحسان تتبناه في إستراتيجية دعوتها الظلامية السياسية حتى الآن
إذن، لا يزال اليسار المشارك وحده معني بتطوير وعقلنة و وضوح مشاركته في التجربة الديمقراطية، وتعميق ممارسته الديمقراطية داخل قواعده وهياكله التنظيمية، من بوابة المهام المطلوبة منه في المجالس المنتخبة، ولا يعرف ماذا هيأ هذا اليسار حتى يستعيد ما كانت تقوم به المعارضة الاتحادية حتى نهايتها، حيث لا يشكل الناجحون من حزب الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية نخبة اليسار المعروف والمالك للرؤيا والاختيار المرغوب فيه من وجودها في غرفتي البرلمان والمجالس المنتخبة .. ومن حق المغاربة، مساءلة قيادة الحزبين على ما يمتلكانه للنهوض بالدور التقدمي لوجودها، وكذلك الأمر بالنسبة لمحاسبة الحكومة، ونفس الأمر بالنسبة لليسار، الذي لا يملك أدواته ولا الملشيات القادرة على بلورته وترجمته تنظيميا ونضاليا، كحزب الطليعة والاشتراكي، الذي انشق سابقا عن الاتحاد الاشتراكي سنة 1982، وجبهة القوى الديمقراطية المشارك، الذي انشق عن حزب التقدم والاشتراكية، الذي لا يزال حضوره باهتا في المؤسسات المنتخبة
هل ستتمكن أحزاب اليسار داخل المؤسسات من توحيد مواقفها اتجاه التحالف الحكومي المكلف بترجمة مشاريع النموذج التنموي الجديد، التي أقرها جلالة الملك من خلال اللجنة التي عينها لذلك ..؟
وهل ستبدع هذه الأحزاب في تقوية دور المعارضة داخل المجالس، خاصة غرفتي البرلمان ..؟
وهل تستطيع العناصر الممثلة لأحزاب اليسار كسب هذا الرهان في ممارسة الرقابة على التحالف الحكومي، وأداء أغلبيته بما يسمح بتطور عمل المؤسسات وإبراز ثمار أدائها في خدمة انتظارات المواطنين، الذين لا يزالون يترقبون التطور في سلوك المعارضة اليسارية، الذي يحفظ ماء الوجه المجسد للعطاء التشريعي والتنفيذي، الذي يقوي إحساس المواطنين في حسن الاختيار وتغيير النخبة السياسية، التي أدارت الشأن العام خلال عشرية حكم حزب العدالة والتنمية، الذي وضعه المواطنون خارج الصراع على الحضور الانتخابي في المؤسسات المنتخبة ..؟
لن نتحدث عن الوحدة في عمل أطياف اليسار المشارك في المؤسسات، فلا بد أن يكون قادرا على الاستجابة لانتظارات المواطنين في تحقيق تطلعات القاعدة الناخبة، في الرفع من إنتاجية العمل التشريعي والتنفيذي والقضائي، وممارسة ما يجسد ربط المسؤولية بالمحاسبة في حدود القوانين النزيهة والتنظيمية للمنظومة الدستورية، في أفق تجويدها واستخدامها في تخليق المرفق العمومي والخاص، وإنجاز الخدمات التي يتطلع المواطنون من تجديد نخبها وتطوير أدائها وتكريس منهجية التداول على مواقع القرار، الذي يسمح حتى الآن، في أفق المزيد من الإصلاحات الدستورية التي تقوي دولة الحق والقانون، والفصل بين السلطات، وجعلها أدوات للتنمية والتحرير والحكامة في جميع القطاعات المرتبطة بالمواطنين مباشرة .. لذلك، إننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، من موقعنا في المجتمع المدني، نتطلع إلى القطع مع الممارسات الفاسدة التي تمكن الأعيان ورجال المـال والسياسة من الوصول إلى المجالس، وتكريس استمرار نفوذهم الطبقي على باقي مكونات المجتمع من العمال والفلاحين، وسائر الفئات الاجتماعية التي يجب أن تصان كرامتها وقدرتها الشرائية في هذا الواقع الاقتصادي الجديد، الذي يدعي أنه يتبنى قيم الليبرالية الديمقراطية الاجتماعية