رسالة مفتوحة إلى السيد رئيس الحكومة المكلف
إن دينامية إعلان الرباط التي تتشكل من مئات الجمعيات والشبكات والائتلافات والفعاليات الجمعوية العاملة في مجالات التنمية الديمقراطية وحقوق الإنسان والحكامة، على الصعيدين الوطني والجهوي، ما تزال تعبر عن قلقها إزاء الوضعية التي عاشها المجتمع المدني خلال العشرية الأخيرة، وذلك رغما على مكتسبات دستور 2011 .. في هذا الصدد، يمكن تلخيص أهم سمات المقاربة العمومية لفعل المجتمع المدني في ما يلي:
* إنشاء وزارة منتدبة مكلفة بالعلاقات مع المجتمع المدني بدون رؤية واضحة، والتي كانت عاملا أساسيا في التوتر وتأزيم العلاقات مع المجتمع المدني
* إطلاق حوار وطني حول المجتمع المدني، غابت عنه مقومات الحوار والمشاركة والشراكة بين الدولة والمجتمع المدني
* غياب الجرأة في تفعيل كل مخرجات هيأة الإنصاف والمصالحة، وكدا المقتضيات الدستورية ذات الصلة بالحقوق و الحريات، مع الاستمرار في المحاكمات الجائرة للنشطاء السياسيين و الحقوقيين والصحافيين والفاعلين في الحركات الاجتماعية
* الارتداد على مكتسبات دستور 2011، وتقزيم مخرجاته من خلال قوانين تنظيمية ضعيفة في مضمونها، غير تشاركية في مقاربتها ومساراتها، و رجعية في تصورها
* ضعف أساليب الحوار المؤسساتي وغياب آليات التشاور العمومي والتوجس من مبادرات المجتمع المدني، الرامية إلى تعزيز الديمقراطية وحماية حقوق الكانسان
* التضييق على جمعيات المجتمع المدني من خلال منع التجمعات واللقاءات الجمعوية، وعدم تسليم الوصولات القانونية، وسد قنوات الولوج للدعم العمومي، والتضييق على استعمال الفضاءات العمومية
السيد رئيس الحكومة المكلف
في إطار منهجية مبنية على تعزيز المقاربة التشاركية والرقي بمبادئ المساواة والمناصفة، فإننا نرى أن لكم مهام أساسية لتأهيل وتقوية الحياة الجمعوية المغربية، وفي مقدمة ذلك منع كل تضييق على الجمعيات
غير الحكومية في ممارسة حرياتها في التنظيم و الاشتغال، مما يتطلب وضع وإطلاق مخطط تشريعي جديد لتعديل كل القوانين والمساطر التي تعرقل الاعتراف بمهام وأدوار المجتمع المدني وحرية تأسيس الجمعيات وفروعها، ونقل الاختصاصات الممنوحة لوزارة الداخلية وإداراتها الترابية بالولايات والعمالات وغيرها فيما يتعلق بقانون الجمعيات والمظاهرات والتجمعات للنيابة العامة، والعمل فورا على تسوية الملفات العالقة، وذلك بمنح الوصولات المؤقتة أو النهائية للجمعيات ولفروعها والتي رفضت وزارة الداخلية ومصالحها الخارجية إلى اليوم تقديمها عقب وضع التصريح بالتأسيس بشهور وسنوات، مع ما يرتبط بذلك من النهوض بالعمل التطوعي وتحسين ظروف اشتغال الأجراء الجمعويين، وتمكين الجمعيات التي لا تهدف للربح من نظام جبائي ملائم يفرق بينها وبين الشركات والمؤسسات الربحية، مع تبسيط إجراءات ومساطر الحصول على وضعية الجمعية ذات المنفعة العامة
من هنا نعتقد، بأن الضرورة أصبحت تفرض وضع إطار قانوني واضح ينظم منح الدعم المالي للجمعيات من الميزانية العامة، وذلك على غرار الدعم المالي المخصص للأحزاب وللصحافة، مع التأكيد على أن الدور التشاوري والتشاركي المحدد دستوريا للجمعيات يفرض تنظيما أكثر جدية، مما هو عليه الأمر اليوم، ما يستدعي منكم التفكير في تأسيس هيئة للتشاور مع منظمات المجتمع المدني تحت إشرافكم المباشر كرئيس للحكومة، على غرار عدد من المؤسسات والهيئات التي أسندت فيها المتابعة والإشراف لمؤسسة رئيس الحكومة .. خصوصا، وأنه لا الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان ولا وزارة حقوق الإنسان لم تستطيعا رفع و وقف المضايقات عن الجمعيات، بل لزمتا الصمت و انحازت للحكومة، وجندت الإعلام العمومي لاتهام وإدانة بعض المنظمات الحقوقية بالعمالة للخارج .. في هذا الصدد، نعتقد أن هذه التهديدات والمضايقات تحتم إيجاد صيغ جديدة مُـثلى تفرض على الحكومة وضع الثقة في الجمعيات والاعتراف بها وبمنظمات المجتمع المدني، مع الإسراع بإعادة العلاقات مع المنظمات الحقوقية الدولية المعروفة بمصداقيتها و بدعمها لقضايا حقوق الإنسان
إن دينامية إعلان الرباط للجمعيات الديمقراطية المستقلة، وقبل أن تضع على مكتبكم مذكرة تفصيلية تهم كل مناحي تطوير الحياة الجمعوية بالمغرب، تتوخى من هذه الرسالة المفتوحة أن تتوجه لكم بهذه المبادئ التوجيهية، موازاة مع وضع اللبنات الأساسية لتشكيل حكومتكم و تقديم التصريح الحكومي أمام البرلمان وهيكلة برنامج عملها، وذلك من أجل استحضار أدوار المجتمع المدني كقوة اقتراحية، وسلطة موازية، وشريك في التنمية الديمقراطية