استحقاق 2021 والحضور الانتخابي الحزبي والنقابي الباهت
تميز نزول البرامج الانتخابية في استحقاق 2021، بالطرافة إلى الدرجة التي لا تشرف في التعرف عليها، حيث مع تراجع الأساليب القديمة في التواصل مع المواطنين في الحملة في ظل الإجراءات الاحترازية، لجأت الكثير من الأحزاب الكبيرة إلى التخلص في الشارع من المطبوعات الإشهارية لمرشحيها ولبرامجها الانتخابية، بدون ملاحظة ردود الفعل عليها، كأن المواطنين يعرفون مضامينها والشعارات التي تحملها، مما يتيح القول بأن الحملة الانتخابية لم تتغير ملامحها التقليدية، ومن أن التجاوب معها لم يرق إلى تطوير الآليات والقواعد المنظمة للحملة الانتخابية، والتي تعود أسبابها إلى ضعف اجتهاد الأحزاب والنقابات خلال اجتماعات اللجنة الوزارية المعنية بذلك، وانسداد الحوار المباشر مع المواطنين قبل الانتخابات في مواعيدها
من مظاهر مهزلة الحملة الانتخابية، غياب جرأة الأحزاب في التواضع أمام المواطنين، والقبول بانتقاداتهم اتجاه أدائهم التنظيمي والنضالي ومحدودية البرامج والمشاريع التي تؤثث مطبوعاتهم الباهتة في مضامينها، والعاجزة عن إقناع أصحابها الذين يتوارون عن الأنظار، ويتابعون الحملة فقط .. ناهيك عن الشعور بخيبة الأمل من قبل أغلبهم، الذين يتوقعون التصويت العقابي على أحزابهم، سواء في الكبار أو الصغار، ويبدو أن ما يقع في حملة استحقاق 2021، ستكون له عواقب على مسار التجربة الانتخابية الديمقراطية مستقبلا، ولن يكون الحضور بهذه البهرجة الدعائية الفارغة يقنع ما تبقى من المواطنين بالجدوى من وجود هذا الكم الهائل من الأحزاب والنقابات، التي لاتملك القدرة على إقناع قواعدها، فبالأحرى عموم المواطنين .. ونظن في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن جلالة الملك قد رسم معالم الطريق الانتخابي الديمقراطي، حينما أكد على ذلك في خطاب ذكرى ثورة الملك والشعب لسنة 2015 بالقول، أن على المواطن أن يمارس السلطة التي يتوفر عليها للحفاظ على مصالحه وحل مشاكله، وتغيير المنتخبين، ولا سبيل إلى ذلك سوى بالذهاب إلى مكاتب التصويت يوم الاقتراع
أين هو الزمن الجميل للحملة الانتخابية، الذي عرفته الاستحقاقات الانتخابية في الوطن ..؟ حيث كان النزول بقواعده وأخلاقه، سواء في التواصل مع المواطنين في الشارع، أو في التجمعات التي كانت تُعرفُ بالبرامج الانتخابية وبالمرشحين، أو في حماس المواطنين للتعرف على المشاركين في هذا العرس الانتخابي، حيث اختفت اليوم كل جوانب الثقة والمصداقية، ولم تتمكن الأحزاب المشاركة في الارتقاء بمهامها حتى في المناسبة الانتخابية عبر ترشيح من تتوفر فيهم أدنى الشروط التي تسمح بالوعي بأن الأحزاب قامت بواجباتها، وتمكنت من القدرة على إقناع المواطنين، سواء في اختيار المرشحين أو في صياغة البرامج الانتخابية المطلوبة .. ناهيك عن العجز عن الإجابة على أبسط أسئلة المواطنين
بالنظر إلى مطبوعات الحملة الانتخابية، يخيل أن الناس تعلمت تجارب الماضي في تحميل المطبوعات بالمساحيق التي يمكن أن تستر عيوب الأحزاب .. فالأغلب، صاغ برنامجه الانتخابي على الوعود المعسولة التي اعتاد عليها في مطبوعات إشهارية، تحمل عمق البؤس الحزبي في صياغة البرامج الكفيلة بإثارة حماس المواطنين لمواكبة ومناصرة الأحزاب .. وما يمكن تسجيله، أن شوارعنا وأزقتنا في المدن والقرى والأسواق، تعرف نزول هذه المطبوعات التي تفتقر إلى ابسط شروط نشرها الدعائي والانتخابي، كما يمكن ملاحظة ذلك عن قرب دون أن يشعر أصحابها بالمسؤولية
لن ننسى حروب الجاهلية التي دخلت فيها الأحزاب في محاولات لإسقاط خصومها من الأطياف الحزبية المشاركة، حيث الاشتباكات بكل الوسائل والأسلحة، خاصة بين المرشحين الكبار من الأعيان ورجال الأعمال، الذين يبحثون عن الأنصار بأي ثمن، ويبدو أن اللجوء إلى العنف المباشر في الحملة الانتخابية يكشف بالملموس ضعف المرشحين، الذين لا يتوفرون على الثقافة الحزبية والقانونية، ولم تتمكن أحزابهم من تأهيلهم للقيام بالواجبات المطلوبة منهم في الحملة الانتخابية، وهذا ما يؤكد على أن المشهد الانتخابي في الوطن لم يرتق إلى المستوى الذي يحتاج إليه الوطن لحماية سمعته من مناورات خصومه، خاصة دول الجوار التي لا تزال الجزائر فيها تتحين جميع الفرص للنيل منه بدون حق