*د محمد أنين
سلام تام بوجود مولانا الإمام، دام له العز والنصر والتمكين
وبعد، ففي سياق الموضوع المشار إليه أعلاه، والشعب المغربي قاطبة يخلد ذكرى ملحمة ثورة الملك والشعب، وهو يعيش أفرح عيد الميلاد السعيد لعاهلنا المفدى، يشرفنا في المنتدى الوطني لحقوق الإنسان:
ـ أولا: أن نبارك لملكنا الغالي عيد ميلاه السعيد، داعين له بالصحة والعافية، وأن يقر عين جلالته بولي عهده المحبوب مولانا الحسن، وبباقي أفراد الأسرة الملكية الشريفة، وأن يحقق على يديه الكريمتين، كل ما يصبو إليه الشعب المغربي من تقدم ورفاهية وعيش كريم؛
ـ ثانيا: أن نتقدم للبطل الأولمبي سفيان البقالي، صاحب الميدالية الذهبية في سباق 3000 متر موانع، بطوكيو 2020، ومن خلاله لمدربه المثابر كريم التلمساني؛ وأن نتقدم كذلك لكل مكونات الرجاء العالمي، من خلال رئيس النادي البيضاوي، السيد رشيد الأندلسي، بالفوز الثمين والغالي بالكأس الغالية، كأس محمد السادس لأبطال العرب، لتكون أحسن هدية تقدم، لملكنا الهمام في ذكرى عيد ميلاده السعيد؛
ـ ثالثا: أن نوجه الرسالة التالية الصادقة، لكل من يهمهم شأن الرياضة الوطنية بكل أنواعها وشعبها:
فكما هو في علم الجميع، وعلى امتداد 17 يوما، ابتداء من 23 يوليوز الماضي وإلى غاية 8 من الشهر الجاري، فقد عرفت العاصمة اليابانية انطلاق الألعاب الأولمبية طوكيو 2020، ومعه انطلاق تسابق آلاف الرياضيين يمثلون 206 دولة، لصعود منصات التتويج، وحصد ميداليات الذهب والفضة والبرونز.
وقد شارك المغرب بوفد يضم في صفوفه 48 رياضيا، تنافسوا في 18 نوع رياضي: ألعاب القوى، الملاكمة، الفروسية، التايكواندو، إضافة إلى التجديف، وسلاح الشيش، رفع الأثقال، الغولف، الجودو، الكاراتيه، رفقة رياضة المصارعة، السباحة، ركوب الأمواج، الرماية، الترياثلون، ثم الكرة الطائرة الشاطئية . .هذا، وقد أثارت المشاركة المغربية في الأولمبياد ردود فعل ساخطة و واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبر عدد من النشطاء عن “استيائهم، بل وذهبوا إلى حدود المطالبة بإقالة ومحاسبة جميع القائمين على الشأن الرياضي ببلادنا”؛ بينما اعتبر آخرون المشاركة المغربية “نكسة طوكيو المؤلمة”، والتي حالت ـ وللأسف الشديد ـ دون أن يرفرف العلم الوطني ـ كما كان في السابق ـ بكبرياء وشموخ وعظمة وجلال، أمام دول وأمم العالم
لقد شكلت بحق، الألعاب الأولمبية بطوكيو 2020، لحظة إحباط، وشعور بالذل والهوان، ونحن نتابع بأسى كبير تراجع مستوانا في كل الرياضات التي شارك فيه المغرب، في وقت استأسدت فيه دول عديدة ـ وحتى الصغيرة منها ـ وهي تحصد بِشرهٍ كبير، الألقاب والميداليات .. في حين أننا لم نتجاوز أكثر من “ذهبية سفيان البقالي” الوحيدة .. والتي ذكرتنا بأبطال من ذهب مروا من هنا: سعيد عويطة، نوال المتوكل، نزهة بيدوان، هشام الكروج، خالد السكاح، إبراهيم بوطيب، جواد غريب، حسناء بنحسي وغيرهم؛ أبطال أعادوا لألعاب القوى المغربية مجدها وكبريائها خلال سنوات خلت، بقـدر ما نؤكد أن الرياضية المغربية تعيش أزمة خانقة، يعكسها واقع حال المغرب الذي تحول إلى دولـة صغيرة جدا في حقل الرياضة العالمية، وهنا نسائل الجامعات الرياضية التي تستنزف ميزانيات ضخمة، من دافعي الضرائب، بدون أي نتيجة تذكـر، ومن غير أن تصنع لنا ولو رياضيا: ملاكما، أو عداء، أو سباحا، أو دراجا، أو لا عب كرة مضرب، أو منتخبا أولمبيا قويا في إحدى الرياضات الجماعية .. رياضيا يكون بإمكانه المنافسة، والتحدي، وحصد الميداليات والألقاب، وصنع الأمجـاد في التظاهرات الرياضية العالمية من حجم الألعاب الأولمبية وبطولة العالم في ألعاب القوى
فحصول المغرب على ميدالية أولمبية ذهبية.. وتتويج الرجاء العالمي بكأس محمد السادس، لم يستطع إخفاء الوجه القبيح لحقيقة الرياضة المغربية بكل أصنافها، بل بالعكس من ذلك، عرى لنا على واقع الحال .. واقع يعكسه تردي كبير وعميق في منظومة الرياضة المغربية، وغياب لسياسة مواطنة في هذا المجال، وذلك رغم الاهتمام الكبير، الذي ما فتئ يوليه جلالته لقطاع الرياضة الوطني .. وأسباب هذا التقهقر الرياضي ـ إن صح التعبير ـ عديدة ومتشعبة، تختزلها العبارة الجامعة المانعة التالية: تفشي واستشراء الفساد، الإداري والتدبيري والتسييري للرياضة بشكل عام، وهو جزء من الفساد العام، الذي تشتكي منه قطاعات أخرى .. فساد أخطبوطي، أصبح معه لزاما علينا اليوم ـ وأكثر من أي وقت مضى، وبشكل ضروري وفوري ـ تفعيل المبدأ الدستوري “ربط المسؤولية بالمحاسبة”، وتحريك المساطر الإدارية والقضائية، في حق المتلاعبين “بوطنية ومالية هذا الشعب”؛ إعادة النظر في السياسة الرياضية بشكل عام، والاستعانة بالكفاءات والخبرات الوطنية، كالعداء العالمي سعيد عويطة، على سبيل المثال لا الحصر، والذي سبق أن كان مديرا تقنيا لأكبر المنتخبات؛ إعادة الاعتبارـ في تنسيق تام مع جميع الجامعات الملكية لمختلف الرياضات ـ للرياضة المدرسية، على اعتبار أن المدرسة، تظل مشتلا رئيسا وفعالا، لصناعة الإبطال .. إلخ
لن نخوض ـ في المنتدى الوطني لحقوق الإنسان ـ في تعداد الإخفاقات التي عرفتها الرياضة الوطنية خلال العقد ونصف العقد الأخيرين، وعيا منا بأن المشاركة المغربية الباهتة ـ إلى درجة الفضيحة ـ في أولمبياد طوكيو 2020، لم تكن أبد استثناء، بقدر ما كانت حلقة من حلقات الخيبة في سلسلة طويلة من الإخفاقات والخيبات في رياضات عديدة أخرى .. وبالمقابل، فإننا ـ في المنتدى الوطني لحقوق الإنسان ـ نحيل من يهمهم الأمر، على الفيديوهات العديدة المنشورة على اليوتوب وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تتضمن تصريحات، لا يمكن وصفها إلا بالخطيرة ـ والتي تقتضي التدخل العاجل لمؤسسة النيابة العامة، ومؤسسة الوزارة المعنية وكل من يهمهم الشأن الرياضي الوطني، ـ بدأ بتصريح فاطمة الزهراء أبو فارس، بطلة التايكواندو، ومدربها عبد النبي سعودي، اللذين يتحدثان عن إقصاء ممنهج؛ وكذا تصريح الملاكم محمد الصغير .. مع المطالبة بإجراء تحقيق إداري ومالي وقضائي عاجل في هذه القضية، يطال حتى الوفد البعثة المغربية لطوكيو 2020، والمعايير التي اختيرت بها، وممن تتشكل، وكم كلفت خزينة الدولة من مليارات .. إلخ
وفي الأخير، فإننا ـ في المنتدى الوطني لحقوق الإنسان، وكما كنا سباقين، إلى المطالبة بافتحاص ميزانية الجامعة الملكية للدراجات، وتحديد المسؤوليات، عقب المهزلة التي عرفها طواف المغرب الأخيرـ نؤكد على ضرورة تحرك كل الهيئات الرقابية، الإدارية، والمالية، والقضائية .. تفعيلا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وإنصافا للكفاءات الرياضية التي طالها التهميش أو النسيان ببلادنا .. وتفعيلا لكل المواثيق والقوانين الدولية والوطنية، المدافعة عن الحقوق الكونية للإنسان، بما في ذلك حق تكافؤ الفرص .. والأهم من كل هذا وذاك، تقدير واحترام للثقة المولوية الكريمة المحيطة بعنق كل مسؤول، له علاقة من قريب أو من بعيد بالشأن الرياضي الوطني
وتفضلوا، أيها المسؤولون الوطنيون والغيورون على الشأن الرياضي الوطني، بقبول أسمى عبارات الاحترام والتقدير.
الجديدة في: 21غشت 2021
عن المكتب التنفيذي
*رئيس المنتدى الوطني لحقوق الإنسان