خنيفرة / مدينة مريرت عنوان عريض لتاريخ يختزل التهميش والهشاشة
محمد شجيع
بعد كل موسم انتخابي يولّد لدينا إحساس باللاجدوى، وندخل في حالة إحباط عام ويأس بسبب بقاء أوضاع البلدة على ما هي عليه .. بؤس يلوح في الآفاق، وبذلك تبقى مريرت مجرد خزان انتخابي، ونبقى مجرد كائنات يتم استقدامنا إلى التصويت فقط .. خلال كل موعد نسمع عن الاهتمام بالمنطقة وقضايا الشباب والاهتمام بتنمية المنطقة .. لكن، في حقيقة الأمر أن الود والحاجة إلينا لا يزداد إلا خلال موسم الانتخابات ويكثر معه الطلب علينا، فبمجرد ما يعتلي كل منصبه تعود الأمور إلى نقطة الصفر، فلا أمل يعلو ولا تنمية تحققت لتشهر حرب المصالح سيفها من جديد وتنتهك المصلحة العامة، كلما ذكرت اسم مريرت أول سؤال يتبادر إلى دهنك تحتار في تصنيف طابعها وتجهل أن تضع الفرق ما هو قروي وما هو حضري .. لكن، خلال القيام بجولة فيها تكتشف جوانب من مظاهر الإقصاء والتهميش بسبب تعثر غالبية المشاريع التنموية، وغياب الإصلاحات الحقيقية .. حفر وردم وإعادة بناء لنفس البنيات نفس الطرق والأزقة تتم هيكلتها مرارا و تكرارا، وهكذا تدور ما يسمى ب ( عجلة التنمية ) في حلقة مفرغة .. لكن، حظها العاثر شاء لها أن تولد فيها هاته التنمية معطوبة ومشوهة، وأن التغيير الموعود خلال كل موسم انتخابي الذي يوظفه المنتخبون كسلاح هو مجرد تغيير ضمني، وهو في حد ذاته يبقى خطابا ديماغوجيا لكسب الأصوات ويضمن بقاء نفس الوجوه في مكانها، وهذا ما وجدت من أجله مريرت
إذا أمعنا النظر نجد أن المنتخبين يتطاحنون ويخوضون السباقات للفوز بالصفقات، التي تعد مصدر غنى و”كنز علي بابا” .. ملايير تهدر وتنمية معطوبة .. إذن، ابن الخلل ..؟ والسؤال الذي يمكن طرحه، هل يا ترى يخوض هؤلاء حربا ضروسا بينهم خدمة للصالح العام ..؟ لا نظن دلك، فلم هذا الحماس الزائد عن المألوف ..؟ .. تصرف الميزانيات الطائلة فلا يمر وقت وجيز على أي إصلاح أو هيكلة حتى تعتريه العيوب من جديد وكأن شيئاً لم يكن .. حفر برك ومستنقعات منظر مألوف .. أسواق حالتها تدمي القلوب و تشمئز منها النفوس .. أوحال وأزبال في كل مكان .. خلال فصل الشتاء تتحول حياة السكان إلى جحيم لا يطاق، يحاولون التصدي لمياه الأمطار بوسائلهم الخاصة لكي لا تلج إلى منازلهم أو محلاتهم التجارية، حيث يتحول الأمر في غالبية الأزقة والدروب إلى فيضانات عارمة، مما يتسبب في العديد من المتاعب والعراقيل، دون أيجاد أي حل يذكر .. حتى الهواء أضحى غير صالح بسبب الروائح الكريهة التي تنبعث من محطة تطهير السائل (التصفية) التي أسبح أمرها مستعصيا عن الحل، غير أنه في كل مرة تعطى وعودا بهذا الخصوص .. مدرسة المرابطين التي تمت طمانة ساكنة حي عمي علي وبولوحوش ومحمد نطوطو بمتابعة أبنائهم الدراسة فيها، وقد أعطيت الوعود بإتمام بنائها منذ سنة 2004 غالى غاية يومنا هذا، لاشيء تحقق، إضافة إلى غياب الإنارة العمومية، بحيث حطمت مريرت الرقم القياسي في ظلام الأزقة، أما عن الحدائق والفضاءات الخضراء التي تعد المتنفس الوحيد للعائلات ومكانا لراحة الأطفال، فهي غائبة تماما، فلم يتبق منها سوى الاسم .. حدائق جرداء بدون أي مواصفات، كما تعرف المدينة أيضا غياب تام لدور الثقافة، وانعدام ملاعب القرب، سوى ملعب وحيد تحول إلى منشأة مؤدى عنها، و وسيلة للاسترزاق وتسارع اللوبيات والجمعيات التي تبحث عن المنح فقط إلى احتكاره وتحويله إلى غنيمة في إطار مغلف بالجمعوية المزيفة، واستغلاله من طرف البعض لأهداف انتخابية لكسب الرهان .. إذ، اختلط الحابل بالنابل، كل ما هو رياضي بما هو سياسي، والكارثة العظمى ظلت بعض الإحياء حتى سنة 2020 محرومة من الماء والكهرباء (حي الغزواني و افود اكبار نموذجا)، كما تم الإعجاز على أراضي البعض بعلة وجود مطلب التحفيظ، مما فتح مجالا لمافيات العقار التي أتت على الأخضر و اليابس أمام مرأى ومسمع من السلطات الوصية، في ظل وضع اقتصادي هش ومنهك لم يسلم مصير جل الحرف من الإقصاء والتهميش
إن المشهد بمريرت أضحى جمودا تدير رحاه وترعاه نخب فاشلة، شعارها بطء التنمية وتكريس الانتظارية واستغلال خطابات الإصلاح والتنمية كشعار مرحلي خلال المواسم الانتخابية للتأثير على المشهد العام، وغسل الأدمغة .. لكنها، في الواقع إرساء لثقافة الإقصاء وتعد مريرت كما ألفناها صورة تختزل تاريخا من التهميش والهشاشة وغياب مختلف أساسيات التنمية