حكومة العثماني و روح الاجتهاد المفقود في تدبير تداعيات كوفيد 19
في الوقت الذي نجحت فيه الخطة الاحترازية التي قادها جلالة الملك ضد كوفيد 19، والتي توجت اليوم باستكمال عملية التلقيح، لم تتمكن حكومة العثماني من حسن تدبير مواجهة الجائحة بواسطة إجراءات المواكبة الاقتصادية للقطاعات المتضررة، التي تعيش منها الفئات الهشة، خاصة القطاع التجاري والحرفي الغير مهيكل، الذي يستوعب أكثر من نصف الفئة النشيطة والمنتجة في المجتمع المغربي، وآخرها القرارات الأخيرة باستمرار الحجر الصحي وعدم توفير الموارد المالية لدعم الفئات الفقيرة، ومنع صلاة التراويح، ومنع فتح المقاهي والمطاعم بعد الإفطار
إن هذه الأخطاء الحكومية، تعكس غياب المتابعة والرصد لواقع الوطن الاقتصادي والاجتماعي، والرهان على الحجر لاحتواء تداعيات كوفيد 19 الصحية، بدون مراعاة تداعياتها المؤثرة على السلم الاجتماعي، وعلى استهلاك الأسر، وعلى التوازن والعيش اليومي للسواد الأعظم من فقراء المغرب، مما يؤكد افتقار سعد الدين العثماني وفريقه الحكومي للقدرة على الاجتهاد في إيجاد الحلول المناسبة لكوارث الجائحة، وانعدام الفعالية والمعرفة بمتطلبات المواكبة للعملية الاحترازية الناجعة، التي أشادت بها دول الجوار الأوربي والإفريقي .. ونظن في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن العثماني مؤمن بضرورة نجاح الحملة الاحترازية، وتوفير وسائل المواكبة الاقتصادية، إلا أنه لا يزال عاجزا على ضمان الفعالية في القرارات التي تتخذها لجنة اليقظة الصحية والاقتصادية .. خصوصا، بعد أن أصبحت كل المؤشرات تؤكد على وعي المواطنين بمخاطر الجائحة وسلالاتها الجديدة، وما يقتضيه الوضع من صمود وتحمل وتضحيات في مقابل تفرج الحكومة على أوضاع الفئات الهشة، التي لا تملك ما يساعدها على مواجهة تداعيات الجائحة والفقر المعيشي اليومي
إن الحكومة معنية بمسؤوليتها أمام المواطنين المغاربة في تدبير مخاطر كوفيد 19 وسلالاته الجديدة، وعدم التراجع عن توفير إجراءات الحماية للمواطنين من تداعياته الاقتصادية، وتعميق الحوار مع كافة الأطراف حول كل القرارات التي تتخذها لاحتواء المضاعفات التي يمكن أن توقف نجاح الحملة الاحترازية الناجحة حتى الآن، وتعبئة كل الطاقات لاحتواء نتائجها المؤثرة التي لا يظهر أنها ستتراجع قريبا، وإشراك الجميع في المواجهة لتجنب ما يضر بالسلم والتضامن الاجتماعيين اللذين يحتاج إليهما الوطن اليوم، والحرص على الإنصات لنبض المواطنين اتجاه الجائحة والحملة الاحترازية في الظرف الراهن، واعتبار وتفهم الاحتجاجات والانتقادات التي يعبر عنها المغاربة، بعيدا عن سوء الفهم والتجاهل والرهان على الفرملة بالقوة، التي لا تساعد إلا على تفاقم الغضب والاحتجاج ضد الانفراد الحكومي بالقرارات المتخذة حتى الآن
لن يكون هنا من سيرفض المبادرة الملكية بدعم المواطنين المادي، التي شملت فئات واسعة من الذين تأثروا اقتصاديا بالجائحة، من العمال والعاملين في القطاع غير المهيكل، ومن حملة بطاقة الرميد التي (المبادرة) لم تستحضرها الحكومة فيما بعد .. ناهيك عن عدم احتواء حملات التشكيك في عملية التلقيح التي جعلت الوطن من الدول الأولى في تحقيق نسب جيدة .. وهذه الخطوات لم تواكبها الحكومة التي عجزت عن إقناع البرلمانيين بما يمكن من احتواء التداعيات الاقتصادية، التي تمس اليوم الفئات الهشة وفي شهر رمضان الذي يزداد فيه الإنفاق الأسري، دون النظر إلى عدم استهلاك بعض المواد التي كانت في متناول العموم، كالأسماك والفواكه والأخرى الجافة
نحن في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، لا نبخس المجهود المبذول .. ولكننا، نترقب الارتقاء بكل الخطوات والإجراءات المتخذة على جميع المستويات الحكومية، التي من شأنها طمانة المواطنين بما تقوم به الحكومة لصالحهم، وتقليص المواقف المضادة والمشككة والظلامية، ومساحة المشاعر العدمية والعبثية التي تهول من تداعيات الأزمة، سواء داخل الوطن أو خارجه .. لذلك، على العثماني وحكومته عدم استبلاد واستغفال المغاربة، سواء في تقييماته أو اقتراحاته، أو الحلول التي تتوصل إليها لجن الصحة واليقظة الاقتصادية، مما يسد الطريق على ثقافة اليأس والمعارضة السلبية والصوتية فقط، وتقوي الإحساس بالأمل من مستقبل سياسة الدولة في مواجهة جائحة كورونا التي نجحت فيها حتى الآن