ذ. عبد اللـه عزوزي
تمهيد:
منطلقان أساسيان لا بد من التذكير بهما قبل الخطوة الأولى في هذا المقال: ضرورة الإيمان بالاختلاف و احترام معتنقيه على أساس الاحترام المتبادل؛ ثانيا، ضرورة استحضار أن الحقيقة هي ظاهرة نسبية، و ممَّا يزيد في درجة نسبيتها كونُها محكومةً بعامل الزمن المُتّسم بالسرعة و التغير المستمر
نقط:
•سؤال “الترسيم” في الوظيفة أو العمل، سواء في القطاع العام أو الخاص، في علاقته إمكانية ترسيمه كحق دستوري من عدمه، يحيلنا بشكل آلي حول سؤال “ترسيم” الديموقراطية، وعلاقة الاثنان يجب أن ينظر إليها كعلاقة بيضة بالدجاجة: من يجب أن يأتي إلى الوجود أولا، ترسيم الموظفين، أو استتباب الديموقراطية، أي ترسيمها كأسلوب حكامة و تدبير حبراً و تفعيلا ..؟ و من له السلطة على الآخر ..؟ هل الترسيم على الديموقراطية، أم هذه الأخيرة على الأول ..؟
•هل عندنا حنكة سياسية في المغرب ..؟ الجواب: لا، لو كان كذلك ما كانت “الحكومة” لتبدأ حفر هذا النفق الذي بدأته قبل خمس سنوات، و ما كانت الحكومات التي سبقتها لتُهيأَ لها تلك الظروف التي سمحت لها بأن ترى بأن تدبير منظومة التعليم، لا يختلف عن تدبير شركات النسيج بطنجة وضيعات الفراولة بأيت باها .. لو كان هناك بعد استراتيجي و وزراء يفكرون بعقولهم لا ب .. لما تباغتوا ذات شتنبر بضرورة توفير معلمين لحوالي مليون طفل/تلميذ، كذلك الذي يستيقظ صباحا ليجد نفسه وسط برك الماء، لأن صنبورا ما بات مفتوحا
لماذا ينتخب كل تجمع بشري ناطقين باسمه ..؟ يفعل ذلك لعدة أسباب، من أهمها تفرغ المحاورين للتخطيط و التنظيم و الحوار و الدفاع، بينما ينصرف الباقون للعمل، دفعاً لعجلة التنمية، و صونا للزمن الاقتصادي، و إبقاءً على صلابة المجتمع من الانهيار، خاصة و أن المجتمعات الدولية أصبحت بمثابة مدن مجاورة داخل نفس المجتمع .. و بالتالي، ما دواعي الإبقاء على نقابات و هياكل نقابية لم تقدم شيئاً للعمال على الإطلاق، اللهم ما وفره لها هؤلاء العمال (من خلال انخراطاتهم و مساهماتهم) من دخل قار لقادتها و تفرغ أبدي (للمصالح الشخصية) لنشطائها، و تقاعد مريح “لأُمنائها”، .. أليس هناك مسؤولية معنوية لهؤلاء في كل ما أصاب المجتمع المغربي من مصائب و تراجعات، و تقهقر ..؟
منظومتنا التربوية كانت على شفى الانهيار حتى قبل عشر سنوات، أي قبل بروز ظاهرة “التعاقد”، حينما كانت كل أطر الوزارة مرسمة، و معدة مسبقا للقيام بمهمة/رسالة التربية و التكوين بعد تدريب قد يمتد لسنة على الأقل؛ ذلك الانهيار فضحه انتشار ظاهرة الغش في الامتحانات، و ارتفاع منسوب العنف في المدارس، و تفقير المؤسسات التعليمية من الكتب و الأدوات التعليمية، والأجهزة المخبرية (تحت ذريعة محاصرة الإرهاب)، و إدمان المتعلمين على الهواتف الذكية التي ساهمت في شرود أذهانهم وتشتيت ذواتهم .. فكيف ستصبح عليه (أي منظومتنا التربوية) بعد سنوات، التي يسوغها عمل اليوم طبعا، و نحن نرى أن التلاميذ لا يدرسون سوى أقل من 20 % من زمنهم المدرسي ..؟
تجليات هذا التردي (التعليمي/التربوي) برزت في محطات عدة، وكانت مطبوعة دائما بسلوكات مُقرفَة، و موغلة في السادية والجهل واللاإنسانية، نذكر منها، على سبيل الذكر لا الحصر، جريمة سلا (بل كل أنواع جرائم سلا)، و قصة الطفل عدنان، و قصة المتشردة الرباطية، و صولا إلى “مغربي 17 مارس” الذي قال له عقله و قلبه أن يضرب مواطنا (يصفه الإعلام بكونه متعاقدا) في مستوى سنه، أو لربما أكبر منه، بقدمه كما لو أنه لاعبٌ يسدد ركلة جزاء
نكسة 16/17 مارس، هي نكسة مغربية عربية بكل معايير الفرس و العجم: فعند الفرس تأتي قُبيلَ احتفال أكراد تركيا و إيران و سوريا والعراق بعيد نوروز (Nowruz) الذي يؤرخ لعيد رأس السنة الفارسية و الذي يوافق 21 مارس من كل سنة، أي البداية الرسمية لفصل الربيع، فصل الخير، و الإيمان، و النجاة، و الأمل. [و هنا أوجه لك دعوة عزيزي القارئ لمتابعة بعض مظاهر الاحتفال بهذا العيد، لأنني ربما متأكد أنك لم تسمع عنه من قبل] .. أما عند العجم، فما حدث بشوارع العاصمة يوم 17 مارس، و وصل صداه كافة أنحاء المعمور، حدث أسابيع قليلة بعدما حطت مركبة المثابرة (Perseverance) على سطح كوكب المريخ المسمى بمارس (Mars) في اللغة الإنجليزية، من حسن حظنا كمغاربة و متعاقدين، أن مواطنا مغربيا و خريجا المدرسة العمومية المغربية في ثمانينياتها، كان ضمن الفريق المشرف على المثابرة !..