ترامب والرفض الجمهوري لنتائج الانتخابات
يبدو أن ترامب لم يستوعب الانزياح الشعبي للمرشح الديمقراطي جو بايدن، ولصوت الشعب الذي تجاوز 74 مليون و 306 من أصوات الناخبين الكبار، وأنه لا يزال يملك السلطة المطلقة على الساحة السياسية التي اهتزت من تحت أقدامه في هذه الانتخابات الرئاسية التاريخية، والذي يعتقد بأن المحاكم ستنصفه من علميات التزوير التي يسوق بأنها شهدت فسادا كبيرا، خاصة في الولايات المتأرجحة التي فاز فيها منافسه جو بايدن
إن الديمقراطية الأمريكية، لا زالت المثال العالمي الراقي للانتخابات الرئاسية في العالم، التي لا يمكن أن يشكك فيها أحد، حتى وإن كان حاول ترامب الاختفاء في تخيلاته الفارغة بحدوث عمليات تزوير ضده اليوم .. وبهذا الانتصار الشعبي ل. جو بايدن، تكون الديمقراطية الأمريكية قد سجلت نفسها في خانة التجارب الديمقراطية السليمة والصحيحة، وحتى إن كان الجمهوريون فيها يعتقدون في سيطرتهم الوهمية على المشهد الانتخابي الوطني في أمريكا .. ونظن في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن ما عاشته أمريكا أثناء الحملات التحسيسية والرسمية لعملية انتخاب الرئيس 46، لم تعرف الظواهر السلبية المسجلة في جل التجارب الديمقراطية في العالم، خاصة في الدول النامية التي لا زالت التجربة الديمقراطية فيها تراوح مكانها بفعل عمليات التدخل و التزوير، وصنع الخرائط السياسية المغايرة لواقع شعوبها، سواء في إفريقيا أو دول الشرق الأوسط، أو أمريكا اللاتينية وبعض دول آسيا
لن نساير ما يعبر عنه ترامب وجمهوره المخدوع في تصريحات هذا الرئيس، الذي لم يعترف بهزيمته من خلال وصفه لخصومه باللصوص، دون امتلاك وسائل الإثبات، وشرعنة التهديد بالقوة لأنصار بايدن في الشارع، ورفض نتائج التصويت بالبريد الذي حسم في النتيجة النهائية، التي لم يكن ترامب يتوقعها رغم رهانه على الإغراء بالمال والوعود الكاذبة، وهو الذي يعلم أن اتهام المرشح الديمقراطي لن يفلت من العقاب حوله .. خصوصا، أن جل حكام الولايات الأمريكية حرصوا على نزاهة العملية الانتخابية حتى في الولايات التي يسيرها الحكام الديمقراطيون، فبالأحرى التي يوجد على رأسها الجمهوريون الذين أعلنوا عن فوز بايدن فيها
إن الإعلان عن الفوز في الانتخابات بالنسبة للمرشح الديمقراطي، لم يتم حتى آخر فرز في الولايات المتأرجحة التي كان ترامب يراهن عليها في الفوز بالولاية الرئاسية الثانية .. وللتاريخ، فالجمهوريون على امتداد الانتخابات الأمريكية كانوا يعترفون بنجاح الديمقراطيين، ويسلمون بذلك، بدون أنانية فردية متورطة في الغرور بالشعبية التي يحتفظ الشعب الأمريكي بحقه في منحها لمن يتوفر على الحلول والمؤهلات السياسية .. وهذا لم يكن ترامب يملكه، سواء قبل أو خلال ولايته الأولى، التي لا يمكنه تجاوز أو تجاهل مساوئها، بالإضافة إلى المواقف من نتائج الانتخابات التي عرت عن حماقاته المتعددة، وادعاءاته التي لا يملك وسائل إثباتها، سواء المتعلقة بفرز الأصوات أو تزوير النتائج في الولايات المتأرجحة، رغم أنه لا أحد يجادل في السبق الانتخابي في جميع الولايات التي أعطت أصواتها للرئيس المنتخب الجديد .. ويتضح أن ترامب، يريد تشويه التقاليد السياسية الأمريكية المعمول بها، والتي تقتضي باعتراف الرئيس المنهزم بمشروعية النتائج الانتخابية
الخلاصة الواقعية الصادمة للجمهوريين في العملية الانتخابية، أن الشعب الأمريكي أراد التغيير ومعاقبة الرئيس المنتهية ولايته، الذي فشل في تدبير ولايته على الصعيد الداخلي والخارجي، التي ترجمتها سياسته الخاطئة اتجاه وباء كورونا، والموقف السلبي بالانسحاب من المنظمات الأممية، وتخفيض مساهمة أمريكا في ميزانياتها، والرهان على القوة في فرض مواقفه التحكمية في القضايا الدولية الشائكة، والتراجع عن ما قام به أوباما في الاقتصاد والصحة والبيئة، والاتفاق النووي مع إيران، ومعاهدة التبادل التجاري مع الصين والاتفاقيات مع روسيا، والتدخل في سوريا ودول أمريكا اللاتينية وأفغانستان، وفرض صفقة القرن لإنهاء القضية الفلسطينية، ودعم أمن وقوة إسرائيل في الشرق الأوسط .. وهذه الأخطاء وغيرها، تشهد على أن إرادة الناخب الأمريكي من خلال تصويته كانت مع المرشح الديمقراطي