رشيد أيلال والإمعان في نقد الفقه الديني وتبخيس الرموز
ما كنا سنعود للبحث في محاولات رشيد أيلال في نبش التراث الديني الذي يخدم أعداء المسلمين، ويعري عن الخدمة المجانية لمن يلهثون وراء الكشف عن ما يحتويه العقل الجمعي الإسلامي في ثغرات وتناقضات لتوظيفها ضد كل ما جاء في هذا التراث الإسلامي، وخلق بذور الشك في مكوناته، بما في ذلك التوجهات المستنيرة التي وقفت ضد التحريف والتوظيف الأيدلوجي الطبقي، التي وقعت على امتداد التاريخ الإسلامي حتى في عز فترات قوة المسلمين
إن رشيد أيلال، الذي كان موفقا في تعرية الملامح الأسطورية في مذهب البخاري في البداية، استحلى المغامرة النقدية، وأصبح لا يعرف الأرض والمناخ والبشر الذين يحاورهم، إلى أن بلغ به التيه إلى تسفيه الرموز بالاعتماد على المعلومات والشهادات التي دونها خصومهم، دون أن يقوم بتقويم مغامرته النقدية وتقنع الجمهور الذي يتحدث إليه الذي لا يزال معظمهم يكفره وينتقده ويهدر دمه من المحيط إلى الخليج .. فماذا لو كانت المتابعة التفسيرية النقدية لما جاء في المذاهب وسلوكات الرموز التي انتقدها في الاتجاه الذي يقوي فقه المقاصد ويفضح فقه النوازل، بدون اندفاع وجهل بأبسط المناهج الفقهية، وبدون الاستعمال الفج والمتخلف للمنهج المادي التاريخي في قراءة نصوص الفقه المعنية التي يتناولها والذي يحرص على التحليل الاقتصادي والسياسي والاجتماعي لمضمون النص كما هو في الأيديولوجيا الثقافية الطبقية المهيمنة
إن المشروعية في إصلاح الحقل الديني، وتجديد الخطاب الفقهي يجب أن يكون مع النخبة العالمة المعنية به، والنخبة المثقفة لا مع عموم المواطنين الذين تصفهم بالعامة الجاهلة والأمية التي تنتقدها لخروجها عنك واتهامك بالنبش في تراثها الثقافي والوعي الديني، خاصة الذي يكون جزء من وعيها الطبقي المزيف، وإن كنت يا رشيد تعتبر نفسك من الباحثين في التراث، فالأمانة العلمية تقتضي طرح مشروع رؤياك على المختصين من الباحثين في التراث ولك في الباحثين في المغرب، سواء في الفقه أو الفكر حتى تتأكد من سلامة الخطوات التي تقوم بها في هذا المشروع النقدي
إن انطلاقتك يا أيلال بنقد الأسطورة في مذهب البخاري اليتيمة التي تناولت النصوص الضعيفة، لم تتمكن من إبراز جوانبها الخرافية وأبعادها الضعيفة المكرسة لأيديولجيا العلماء المساندة للحكام الذين قرروا فرضها، قد أفسدتها بهذه الخرجات المتتالية في موقفك التي سمحت لنفسك فيها في أن تكون الحارس الأمين على التراث والناقد الشرس لكل ما يمكن أن يتضمنه من مفسريه ومؤرخيه ورواته، دون أن تكون مؤهلا لذلك بالمعرفة والمنهجية التي تسمح لك بتمرير هذه الزندقة الواضحة في التعامل مع هذا التراث وأهله، الذي يناقشه غيرك من المتخصصين، بعيدا عن هذه الاتهامات الرخيصة التي تعري عن جهلك المركب بمفاتيح القراءة النقدية والمذهبية المطلوبة، التي للأسف لم تجعلها نصب عينيك في التعاطي مع التراث كما هو الآن
ما يهمنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، في مناقشة صاحب البخاري نهاية أسطورة هو التشكيك في النبي محمد صلى اللـه عليه وسلم، ومحاولة التقليل من الوقار الأخلاقي والديني، الذي يجب أن يعامل به، ومحاولة الاستئناس بالرواية الغربية الاستعمارية التي تحدثت عنه في القرنين السادس والسابع الميلادي، وتجاهلك يا رشيد لما تسميه السردي التاريخي الإسلامي، الذي لا اختلاف عليه بين أتباع المذاهب الدينية في العالم الإسلامي حتى الآن، و لا بين المفكرين والفلاسفة عبر التاريخ الإسلامي المشترك .. والأخطر أن تواصل رحلتك المظلمة في البحث عن أنصاف الحقائق المغيبة في التراث الإسلامي الذي لا يزال كتابا مفتوحا للبحث والتقصي والنقد والتوبيخ في وجه الجميع