النظام الجماعي في المغرب وفوضى الاختصاصات بين السلطة المحلية والمنتخبة
لا يمكن للفاعل الجماعي وللمهتم بالتجربة الجماعية اليوم أن يلمس التغيير في النظام الجماعي الذي انطلق العمل به منذ سنة 1960، فلا زالت الجماعة الحضرية والقروية وحتى مجلس المدينة والمقاطعة والجهة لم تتحرر كلها من سلطة الوصاية الإدارية والمالية، مما يؤشر على التخلف في التدبير المحلي الذي لم يرتق بالجماعة إلى ما يكرس تدبير الساكنة المحلية للشأن الجماعي كما تحدد ذلك الأهداف المنتظرة من التجربة الجماعية، خاصة المتعلقة بتمكين الساكنة المحلية من تدبير شأنها الجماعي وفق ما تقوم عليه الديمقراطية المحلية.
إن ما يلاحظ بالملموس هو تضارب الاختصاصات بين الجماعة والسلطة المحلية، حيث لم تتحدد بعض الاختصاصات المدنية والإدارية بينهما حتى الآن، خاصة في الجماعة القروية التي لا حرية لمجلسها المنتخب، سواء في التدبير المالي أو الإداري، فكل مجالات تدخل المنتخبين تخضع للسلطة المحلية ولا يمكن للمنتخبين فيها تجاوز سقف المسموح به في تدبير شأن جماعتهم القروية، وهذا ما ينطبق أيضا على مجالس المقاطعات في المدن التي لا حق لرؤسائها ما هو متاح لهم من قبل مجالس المدن التي يوجدون في ترابها.
على نقيض من يتحدثون عن نضج التدبير الجماعي لا يعكس الواقع الراهن للتجربة الجماعية في المغرب ما يؤكد على تطورها و وعي الفاعلين فيها بأنها تعرف التحول والتطور المطلوب على ضوء تضارب الاختصاصات التي تعيش عليها، خاصة القروية منها التي يشكل عددها في النظام الجماعي الوطني أكثر من 1500 جماعة قروية، ولم تصل فيها الجماعات الحضرية إلى أكثر من 260 جماعة حضرية مقابل مجالس المدن والجماعات الجهوية التي لا يزال عددها قليل، ولم يتم التخطيط لنفوذها الترابي حتى الآن، وتحتاج إلى توسيع اختصاصات المنتخبين بالنظر إلى حاجيات السكان في ترابها الحضري الذي يعرف نموا ديموغرافيا ملحوظا باستمرار مع ما يصاحبه من تطور لمطالب سكانها في جميع المجالات.
إننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، لن نغلق الحوار حول الهم الجماعي في تجربتنا المغربية التي يجب أن يتوسع الحوار حولها بين كافة الأطراف المعنية بها، خاصة من قبل النخب المحلية عبر المقاربة التشاركية إن كانت هناك إرادة في تطويرها وفق المنهجية الديمقراطية التي تخضع لها مع ما تقتضيه من مراجعة لقوانينها ولاختصاصاتها في الاتجاه الذي يكرس حقا الديمقراطية المحلية التي تعتبر النواة الصلبة لنظامنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، الذي يتطلع المغاربة إلى أن يكون نموذجا رائدا بالمقارنة مع دول الجوار المغاربي والإفريقي والعربي والعالمي.