الأمية تسيطر على المجالس الجماعية
كمال رشيد
أصبحت المجالس الجماعية، وخاصة القروية في إقليم تاونات مثل سائر أقاليم المغرب، مليئة بأناس مستواهم التعليمي، في غالب الأحيان لا يتجاوز الدّروس الابتدائية، أما الشريحة المهمة مجملها من الأميين.
ومما لاشك فيه، أن دور الحكامة المحلية في تأهيل المجالس الجماعية يُعتبر مدخلا أساسيا لتحقيق التنمية الترابية بعموم تراب وطننا .. هذا لن يتأتى إلاّ بجعل محطة الانتخابات فرصة للفاعل السياسي لتقديم مشروعه التنموي، اعتماداً على مقاربة تمكنه من الجواب على القضايا المقلقة التي تواجه المواطن الآن وغد، وخاصة البنية التحتية الأساسية (طرق، مستشفيات، مدارس، الماء الصالح للشرب…).
لكن للأسف الشديد، هذه الأفكار التنموية غير حاضرة في العقليات المُسيرة حاليا بعدة جماعات ترابية بمملكتنا المغربية، ومنها الجماعات المتواجدة بالمجال الترابي لإقليم تاونات، في ظل وجود بعض الأشخاص الذين يتقنون لعبة الانتخابات والاستعداد الدائم لها بمنطق (الشنّاقة)، بدل التنحي وفسح المجال لكفاءات تُمسك بِزمام أمور التسيير المحلي، لتكون لها الفرصة لتحقيق التنمية المنشودة، وإعطاء ما في جُعبتها من أفكار تنموية للنهوض بتنمية هذا الإقليم الذي عانى منذ مدة التهميش والإقصاء والاستغلال ولا زال يعاني إلى آن كتابة هذه السُّطور.
أما الواقع يتحدث عن وجود مجموعة من المستشارين الجماعيين، وخاصة بالمجالس القروية لم يسبق لهم أن ولجوا أقسام الدراسة قَطّ، وهذا مما لا ريْبَ فيه سيكون حَجرة عثرة في كبح مساهماتهم إن كانت هناك مساهمات في تحقيق التنمية المحلية بهذه الجماعات، إذْ هم مجرد أرقام متواجدة بالمجلس، وهم عبارة عن خُشب مسندة، وتنعدم مساهماتهم في جميع أنشطة المجالس الجماعية، بل منذ عدة عقود من توليهم صفاتهم التمثيلية، لا تراهم إلاّ وهم يستعدون للانتخابات، فهم بالتأكيد كائنات انتخابية لا غير، يقتصر دورهم على “جمع” أكبر عدد من الأصوات، ولا يُـفهم سبب توليتهم أو بالأحرى إصرارهم على الاستمرار في مقعد تمثيلي يقتضي بالضرورة التوفر على مستوى تعليمي جيّد.
وإذا كان هؤلاءِ الأميّون بالمجالس الجماعية بالإقليم عددهم مهم، فإنّ عدداً قليل من المستشارين يتوفرون على الشهادة الابتدائية .. هؤلاء طبعا، تعتبر مساهماتهم قليلة جدا، أو منعدمة، بينما الواقع يفرض على المنتخب الجماعي أن يكون على قدر مهم من التعليم ولديه القدرة على وضع المخططات واقتراح الأفكار والبدائل الرّامية إلى تحقيق التنمية المحلية المنشودة ولتغيير الوضع القائم أو تحسينه، وهذا أضعف الإيمان.
يجب على الشباب الذين تلقوا تعليما جيدا أن ينخرطوا في اللّعبة السياسية بترشيحهم للانتخابات الجماعية، وحمل مشعل التغيير داخل المجالس الجماعية، ولن يكتمل هذا إلاّ بمساندة السكان لهم ودعمهم وقطع الطريق عن سماسرة الانتخابات، وهؤلاء الشباب الملتزم بقضايا وطنه أفضل حالاً، وأقوم قيلا من الأميين صُنّاع الفُرجة، حيث أنّ مساهماتهم داخل المجالس الجماعية ستكون لها إيجابيات على الشأن المحلي وعلى الساكنة القروية .. لكن، حاليا عددهم قليل داخل المجالس الترابية، هذا يجعل صوتهم غير مسموع في ظل الأميّة المُتفشيّة بالمجلس الجماعي، وهؤلاءِ يساهمون في إغناء النقاش خلال دورات المجلس، بينما اقتراحاتهم مُحتشمة، والفئة المثقفة من أعضاء المجلس غالبا ما تضطر إلى لعب دور المعارضة
إنّ تواجد فئة عريضة من المستشارين من عديمي الكفاءة داخل المجالس الجماعية، يثير التساؤل حول الهدف من تَـرشحهم، قاسمهم المشترك عدم القدرة على تقديم أي قيمة مضافة للمنطقة، وذلك لأنّهم يفتقدون للكفاءة في التدبير قبل كلّ شيء.