كشفت الفيضانات النهرية الأخيرة في المناطق الجبلية على إثر التقلبات الجوية حجم الخصاص وانعدام التعاطي الملائم مع تداعياتها التي أدت إلى خسائر بشرية ومادية كان من الممكن أن لا تحدث لو كانت هناك يقظة وحضورا للسلطات المعنية، فما أحدثته هذه الفيضانات يفسر غياب المسؤولين في وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك والماء من أجل اتخاذ الإجراءات القانونية والتقنية التي تسمح للمواطنين بعدم التعرض لنتائجها الكارثية، عبر المراقبة الفعلية لحالة الطرق والجسور والمسالك في المناطق الجبلية، ناهيك عن الإخبار عبر وسائل الإعلام المتاحة عن التوقعات المنتظرة، ومراقبة المرور في هذه المناطق وتجهيزها بالعلامات والأضواء وسيارات الإسعاف لحث المواطنين على الانتباه لمخاطر التقلبات الجوية.
إن التقلبات الجوية طبيعية في المناطق الجبلية بحكم طبيعة التضاريس والمناخ الجبلي المتغير في حرارته وتساقطاته، ويساهم التحول في المناخ العالمي اليومي في خصوصية هذه التقلبات التي تفرض ملاءمة نمط عيش السكان للمراقبة الدائمة للتجهيزات والوسائل لتفادي الطابع الكارثي لنتائج هذه التقلبات .. والمسجل هو الأخطاء المرتبكة هندسيا في تخطيط الطرق والمباني القريبة من مجاري الأنهار الجبلية والموسمية التي تتعرض باستمرار لتأثير هذه التقلبات المناخية .. ونظن في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن مصالح وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك والماء، والمصالح الهندسية في الجماعات الجهوية والجماعية والوقاية المدنية والأرصاد الجوية، مطالبة بتحيين برامج عملها وتدخلها، سواء لمواجهة آثار هذه التقلبات، أو للتعريف بمخاطرها بالنسبة لسكان هذه المناطق ومن يزورونها للتقليل من تداعياتها وتأمين السلامة من مفعولها.
إن واقع مناطقنا الجبلية اليوم يعري عن الإهمال والتهميش اللذين تواجههما هذه المناطق، مما جعل الكوارث التي تنجم عن هذه التقلبات المناخية الفصلية مرتفعة، وخاصة أن طبيعة الحياة اليومية في هذه المناطق تتعرض دون مقدمات أو إنذارات إلى مخلفاتها التي تختلف جسامة خطورتها من سنة إلى أخرى، ناهيك أن الأمطار العاصفية المحلية غير مرتبطة بفصل الشتاء، حيث يمكن أن تكون حتى في الفصل الحار .. ومن المؤكد، أن مسؤولي الوزارة المشار إليها أعلاه يعرفون ذلك، وأن من مسؤولياتهم توعية المواطنين ومستعملي الطرق للحد من الكوارث التي لا يمكن التحكم في نتائجها.
نظن، أن وضعية السكن القروي والمسالك في الجبال تقتضي اليقظة الدائمة من قبل كافة الأطراف المعنية، وضرورة تكثيف المراقبة وجوانب التدخل اللوجيستيكي للحيلولة دون ارتفاع النتائج السلبية.
بالمقارنة مع الدول التي تملك نفس ظروفنا الجغرافية، نسجل الحضور القوي لكل الأطراف، بما فيها الحكومية، لاحتواء مخاطر هذه التقلبات المناخية، بالرغم من حجم الخسائر الكارثية التي تخلفها الأعاصير في الولايات المتحدة والتقلبات المناخية في المناطق الجبلية في أوربا الغربية وجنوب شرق آسيا .. ونظن أننا في ظل الاحتباس الحراري الذي يهدد التوازن البيئي العالمي اليوم، مضطرون إلى الرفع من حجم وقيمة تدخلنا لمواجهة مخاطر هذا الاحتباس الحراري الذي ستكون له عواقب خطيرة إذا لم تعالج أسبابه على الصعيد الدولي.
إن وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك والماء، هي المعني الأول بالتدخل والبحث عن ما يساعد على تفادي هذه التقلبات المناخية، التي بدأت تؤشر إلى ما يمكن أن تكون عليه في المستقبل .. لذلك، يجب مضاعفة الجهود لوقف المزيد من الخسائر في الأرواح والمنشئات المادية والعمرانية، وعلى باقي الأطراف الأخرى المعنية، في وزارة الداخلية و وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، و وزارة الاقتصاد والمالية، و وزارة السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي المساهمة في جميع المبادرات والبرامج ذات الصلة بالتقليل من نتائج الكوارث الطبيعية.