قطاع السياحة في الوطن والطاقة الاستثمارية المهدورة ..!
من الحقائق التي وجدت طريقها إلى من يتابع آخر الأخبار و التحقيقات والاستطلاعات الجديدة، ما نقله برنامج “أروماكس” على إحدى الفضائيات الألمانية حول السياحة في دولة “التشيك” التي يتجاوز رقم زوارها من السياح سنويا 100 مليون سائح، في الوقت الذي لم نصل فيه في المغرب إلى الرقم الذي سوقه وزراء السياحة عندنا وهو 10 ملايين سائح بالرغم من التكاليف المرتفعة التي صرفت عليه حتى الآن، وهو القطاع الكفيل بتشغيل كافة العاطلين وخلق المشاريع المدرة للدخل بفضل ما يتوفر عليه الوطن من إمكانيات هائلة في مجالات السياحة الطبيعية والتاريخية .. ناهيك عن أنواعها الأخرى المرتبطة بعدة قطاعات اقتصادية.
في مجال السياحة الطبيعية، يتوفر المغرب على مؤهلات لا تملكها أرقى الدول في المجال السياحي، التي تسمح بإنشاء واستثمار المراكز السياحية، المتمثلة في الشواطئ والجبال والمناطق الصحراوية التي لا يزال جميعها دون ما هو مشتغل ليس للسواح الأجانب، بل للسواح المغاربة الذين لم يتمكن جلهم من معرفة الوطن والتمتع بخيراته الطبيعية الهائلة .. أما الحديث عن السياحة التاريخية والثقافية فيكفي ما يوجد من آثار عمرانية في المدن التاريخية لإبراز قيمة الغنى الهائل في الرأسمال اللامادي الوطني الذي يعود الكثير منه إلى المراحل الأولى لتأسيس المجتمع والدولة، والأنشطة الاقتصادية الأولى في المغرب .. ناهيك عن نفائس التراث الثقافي في المنتوج الفكري والأدبي والفني الذي يحتاج إلى بناء المآت من المتاحف والمكتبات لحماية وحسن الاستثمار في السياحة الثقافية .. ففي فلوريدا الأمريكية يدفع السائح أكثر من 10 دولارات لأخذ صورة من تمساح من البلاستيك، وأكثر من 20 دولارا لزيارة ورؤية التمساح مباشرة، ونحن لا نستغل تراثنا الثقافي حتى في المدن السياحية بامتياز ك.جامع الفنا بمدينة مراكش وساحة الهديم بمدينة مكناس وأحياء مدينة فاس العتيقة بما تتوفر عليه من مؤهلات يمكن أن تفك مشكل البطالة في هذه المدن.
إن ما ذكره جلالة الملك محمد السادس في خطاب العرش، عن الآثار السلبية للانغلاق الحضاري والخوف من الاجتهاد والاستئناس بالتجارب التنموية الأجنبية الناجحة، وافتقار النخب المسيرة الحالية لحسن استثمار الطاقة والذكاء الذي يملكه المغاربة، هو الذي يشكل مصدر الغنى الذي لم يستثمر حتى الآن في الوطن .. وفي هذا الإطار، نقترح في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، خلق أوراش في السياحة، تحت إشراف جلالة الملك للنهوض بهذا القطاع الذي يمكن أن يصبح فيه المغرب من الدول الرائدة بدون منافس في الخارج، كما يسمح لنا هذا الموضوع بمساءلة السيد وزير السياحة الحالي ومن سبقه إلى حمل هذه الحقيبة عن ما تم إنجازه و تخطيطه في هذا القطاع الاقتصادي الخدماتي الذي يمكن أن يكون رائدا في الاقتصاد الوطني.