القنب الهندي .. أرباح وثراء للبعض .. وفقر وبؤس للبعض الآخر
* ذ. محمد أنين
حيث إن المنتدى الوطني لحقوق الإنسان، قد سبق له ـ عن طريق طلب دعم ومؤازرة، أن دخل منذ شهر مايو الأخير،على خط قضية تفوح منها رائحة تزوير، أفضت إلى الحكم على بريء مسكين، لا حول ولا قوة له، بأربعة أشهر حبسا نافذا، ليترك زوجته الصغيرة السن ورضيعها وحيدين بلا معيل؛
وحيث إن المنتدى الوطني يتوفر على مجموعة من الوثائق والعرائض في الموضوع، بما في ذلك مذكرة المحامي الذي ينوب على الظنين، والتي تفيد كلها بأن مهندس هذه التهمة الظالمة، ليس إلا مقدم دوار باب مسيلة، كما تصرح بذلك بعض الإشهادات والشكايات، التي سبق وأن وجهتها أطراف أخرى منذ سنوات، ضد نفس عون السلطة، إلى السلطات المعنية؛
وحيث إن التنسيقية الجهوية لجهة فاس مكناس، قد قامت بواجبها من خلال توجيه رسائل في الموضوع، إلى كل السيد وزير الداخلية، والسيد والي جهة فاس ـ مكناس؛
وحيث إن المكتب التنفيذي للمنتدى الوطني لحقوق الإنسان، قد سبق له وأن وجه رسالة في الموضوع، إلى السيد وزير الداخلية، تحت عدد 150/2019 وتاريخ 15 مايو 2019، وفي ذات الوقت، وجهت نسخ منها قصد الإخبار، إلى كل من السادة: وزير حقوق الإنسان، وزير العدل والحريات العامة، المفتشة العامة للإدارة الترابية؛
وحيث أن ملف ”القنب الهندي”، ملف أصبح يطرح بإلحاح منذ 2013، حيث تبناه حزبان وطنيان بالجرأة اللازمة، وفي سابقة هي من نوعها؛
وحيث أن بعض التقارير تفيد تربع المغرب على عرش منتجي القنب الهندي عالميا، إذ أن منتجيه هم فلاحون بسطاء في الغالب، بظروف سيئة للغاية، إذ أنه إلى جانب الفقر وقلة الموارد، تلاحق السلطات الآلاف منهم، بسبب هذا النشاط غير القانوني، مما يجبرهم على العيش في الظل، بل وفي الهامش، بل والبعض منهم لا يتوفرون حتى على بطاقة التعريف الوطنية، لكونهم يخافون أن يلقى عليه القبض إذا ولجوا إدارة الشرطة أو إدارة الدرك، بسبب مذكرات البحث المحرر في شأنهم؛
وحيث إنه والحالة هاته، يصبح الوطن بكامله، أمام وضعية جد مزرية، تزيد من مرارتها، الأرباح الطائلة التي يحققها التجار الكبار وشبكات التهريب إلى أوروبا، على حساب فلاحين بائسين؛ والنتيجة الأخطر تتمثل في خزينة الدولة، تُفَوَّتُ عليها عملية الاستفادة من هذا النشاط غير المشروع؛ ليبقى الخاسر الأكبر بلدنا العزيز، الذي يحرم من برامج تنموية حقيقية، كانت سترى النور، لو استخلصت الخزينة العامة، رسوما على ”القنب الهندي”، وملحقاته؛
وحيث إن ”ملف القنب الهندي”، قد أضحى ملفا يهم الاقتصاد الوطني، والتنمية الشاملة والمستدامة للمناطق المعنية وساكنتها، بشكل رئيس وأساسي؛
وحيث إنه قد أصبح مثار نزاعات وصراعات، أودت بحياة العديد، وإلحاق آخرين بعاهات مستديمة؛ وما حادث وزان ليوم الأحد 21 يوليوز 2019، والذي بثرت على إثره ساعد رجل مسن، بسبب نزاع نتج بين عائلتين، حول قطعة تابعة للملك الغابوي، مخصصة لزراعة القنب الهندي؛
وحيث إن المنتدى الوطني، كما سبق ذكره أعلاه قد تبنى ملفا في الموضوع، فقد انتقل رئيس المنتدى الوطني لحقوق الإنسان، وعضو آخر من المكتب التنفيذي، إلى دوار باب مسيلة ودواوير مجاورة، حيث قاما بزيارة ميدانية، ولقاء بعض شباب المنطقة، الذي يعيش الفراغ والتهميش، وبالتالي الوقوف على حقيقة الأمر؛
وحيث إن تقارير رسمية وأخرى غير رسمية، تشير إلى أن نسبة تعاطي المخدرات بالمغرب مرتفعة، إذ تصل نسبة الشباب الذين يتعاطون المخدرات بشكل يومي ـ حسب تقرير أصدره مركز الأبحاث والدراسات حول المخدرات والبيئة، سنة 2015 ـ إلى 26 في المائة، 90 في المائة منهم تقل أعمارهم عن 25 سنة؛ في حين سجّل تقرير للمرصد الوطني للمخدرات والإدمان، بأن متوسط عدد مستعملي المخدرات، باستثناء التبغ، يتراوح ما بين 4 و5 في المائة، في صفوف الساكنة الراشدة، أي ما لا يقل عن 800 ألف شخص .. وهو رقم مهول، يمس بالثروة المادية واللامادية لوطننا؛
لكل هذه الحيثيات وغيرها،
فإن المنتدى الوطني لحقوق الإنسان، بصفته هيئة حقوقية مستقلة، تعي تمام الوعي، أن بناء الإنسان من أولى الأولويات، قبل الخوض في أي الحديث عن ثقافة حقوق الإنسان، وذلك بطبيعة مع الحفاظ التام على هيبة الدولة، حضورا وأمنا واستقرار، في ظل العرش العلوي المجيد؛ ومتبنيا للحقوق الكونية في شموليتها، دون إهمال للخصوصية المغربية، ثقافة وتكوينا وواقعا:
1/ يرى أنه قد حان الوقت لعقد ندوة وطنية في الموضوع، تحضرها شخصيات وازنة تمثل الإدارة، والهيئات المنتخبة، وهيئات المجتمع المدني، وذلك إلى جانب إخصائيين في الموضوع ( علماء اجتماع، وعلماء نفس، وعلماء سياسة، وعلماء اقتصاد، وخبراء وطنيين ودولين .. وكل من يجد في نفسه القدرة، على تقديم حلول بديلة، من شأنها أن تحرك عجلة التنمية المستدامة، وتفتح آفاق الأمل والعمل القار في وجه اليد النشيطة بهذه المناطق التي تحسسك ساكنتها، بأنها مهمشة ومقهورة ومقصية؛
2/ يدعو السلطة القضائية والتشريعية والتنفيذية، بكل احترام، كل من جهتها إلى دراسة إمكانية إعادة النظر في القوانين المجرمة للقضايا المرتبطة بملف ”القنب الهندي”، في إطار تليين القوانين، في اتجاه تخفيف العقوبات الحبسية، أو إيجاد بدائل لها، وكذا تخفيف الغرامات المالية؛ بالموازاة مع تقنين الأنشطة المرتبطة بالقنب الهندي، وفرض روم ضريبية على كبار العاملين في هذا القطاع؛ على الأقل بهكذا تصرف سنكون قمنا بضخ أموال مهمة في خزينة الدولة، وبالتالي توظيفها للنهوض بهذه المناطق وساكنتها، تنمويا واقتصاديا واجتماعيا، من خلال برمجة مشاريع مدرة للدخل؛
3/توظيف ”القنب الهندي” طبيا وصيدلانيا، وبالتالي العمل على قلب الجانب السلبي فيه، إلى جانب إيجابي؛
4/ اقتراح آخر، يبدو صعبا، ولكنه غير مستحيل: فلماذا لا نفتح صفحة جديدة، مع كل المتابعين قضائيا من صغار الفلاحين، في ملفات ترتبط بأنشطة لها علاقة مع ”القنب الهندي”؟ وذلك من خلال رفع الدوائر المختصة، طلب عفو عام إلى صاحب الجلالة في الموضوع؛
5/ يدعو مؤسسة النيابة العامة، إلى دراسة إمكانية إعادة النظر، في ”حجية محاضر الضابطة القضائية” بالنسبة للجنح والمخالفات في هذا المجال،
6/ يظل المكتب التنفيذي للمنتدى الوطني لحقوق الإنسان، باسطا ذراعيه، للانخراط بدون قيد ولا شرط، في أية عملية بناء، تصب في اتجاه تطوير وتأطير وتثمين الرأسمال البشري، الذي هو محور أية تنمية، وذلك من خلال اقتراح البدائل، والقيام بأعمال ميدانية تطوعية، خدمة للصالح العام، وحفاظا على أمن واستقرار البلاد؛
* رئيس المنتدى الوطني لحقوق الإنسان