نتيجة النتائج ..!
ذ. عبد اللـه عزوزي
لقد أضحى جليا أن المديريات الإقليمية و الأكاديميات الجهوية تتنافس فيما بينها للرفع من نسبة النجاح من أجل تصدر المشهد الإعلامي الوطني، و لو لوهلة من الزمن، سعيا وراء غايات لا تخفى عن الفرحين بتلك النسب، و لا على المتفرجين من حولهم حول ما يجري ..!
ما معنى أن يصل معدل الباكالوريا في بعض الحالات إلى 19.70 .. ؟ فحتى لو افترضنا أن هذا ممكنا مع تمارين بعض المواد العلمية، فهو مستحيل في مواد العلوم الإنسانية (أو النسبية) .. لكن، دخان المدخنات المتصاعد فوق أسقف البيوت يكون مصدره ما يحدث ببهوها .. علينا أن نعترف بأن أول عود الحطب في حرارة هذه النتائج المستعرة يبدأ من المؤسسات التربوية، و من ظروف إجراء فروض المراقبة المستمرة بها، و بالعقيدة التي يحملها مدراء تلك المؤسسات على الخصوص، الذين يعتقدون أن نتائج الاستحقاقات الوطنية تعكس مدى تفانيهم أو تقاعسهم في مهمتهم التدبيرية. هذه المقاربة — مجرد الاعتراف بها – كفيلة بأن تقول لنا كل شيء عن ظروف التعليم و نوعية الحياة المدرسية التي يعيشها المتعلون المغاربة .. التركيز على الامتحانات، و التركيز على هذه الأخيرة يقتل باقي جذور و أغصان الدوحة التعليمية.
فكيف يمكن الحديث عن شخصية تلاميذية ناجحة و سوية و هي التي أمضت ثلاثة سنوات معتكفة على دلائل تجارية لا تخلو من كاريكاتورات تصور التلميذ يتقيأ الحروف الأبجدية بكل لغات العالم ..؟! ظروف أنتجت جيلا لا يعي ما يحدث من حوله لا وطنيا و لا دوليا، جيل إن سألته عن اسم عمدة المدينة قد لا يعرفه، و إن طالبته بأسماء الجرائد الورقية، فسيكون الجواب أقرب إلى لون البياض.
هل يستطيع الحاصلون على الباكالوريا الحديثة كتابة طلب عمل باللغة العربية و الفرنسية، اعتمادا على أنفسهم ..؟ هل بوسعهم أن يكتبوا تدوينة، من سطرين أو أربعة، بلغة أنيقة و أسلوب سليم، فضلا عن أن يكتبوا قصصا قصيرة و قصائد شعرية، كما كان يفعل تلامذة الثمانينات و التسعينات ..؟
فأمام نجومية هذه النتائج، علينا أن نتساءل ما نسبة الثانويات المغربية التي بها مكتبات مدرسية و مختبرات علمية، خاصة في تلك الثانويات التي ينتمي إليها الحاصلون على 15/20 فما فوق ..؟ كم عدد تلك الثانويات التي يستحم فيها التلميذ من عرق حصة التربية البدنية قبل الالتحاق بحصة الرياضيات أو اللغات أو التربية الإسلامية ..؟ ما عدد الأنشطة الموازية التي شارك فيها المتفوقون ..؟
لقد أعلنت وزارة التربية قبل يومين أن 15076 تلميذا حصلوا على الباك في هذه الدورة العادية، و قد تأتي الدورة الاستدراكية بنصف ذاك العدد من الناجحين؛ لكن السؤال، أي إضافة يضيفوها هؤلاء الشباب– ومن سبقوهم إلى الباك و الجامعة — إلى قيم المواطنة و المساهمة برفع جودة الحياة الاجتماعية بالشوارع المغربية و لو بقيم الحياء و الاحترام و التطوع ..؟
هل أصيبت علاماتنا الإشهادية بظاهرة داء العصر المتمثل في “مايد إن تشاينة/ Made in China” ..؟ ترى، هل نحن مجدون في ربط النجاح و ارتفاع نسبة التمدرس بتحسين الظرف الاقتصادي و الاجتماعي الوطني ..؟