حتى نؤسس لمشهد صحافي وإعلامي فاعل ومواطن ومستقل
يظهر للعيان اليوم أن عوامل تعبيد الطريق لمشهد صحافي وإعلامي وطني يعكس الهوية المغربية المتعددة والتنوعية بكل سماتها الثقافية والجغرافية والتاريخية والاجتماعية، أصبح يقتضي من الفاعلين في كل وسائطه الورقية والمرئية والمسموعة والرقمية عدم استبعاد هذا الواقع السوسيواجتماعي واقتصادي وثقافي، والانخراط الديمقراطي في تكريسه بالوسائل المتاحة في الوطن وفي خارجه، بعيدا عن التوجهات السياسية والنقابية التي تتناقض وهذه الهوية المجتمعية المتفردة في هذا الجزء الجغرافي من عالمنا العربي والإفريقي.
إن كل الشروط للارتقاء بصحافتنا وإعلامنا بهذه المواصفات تستدعي من الأطياف النقابية والحزبية استحضار هذه الشروط والاشتغال عليها لترجمتها بلا تشنج أو تعصب أو نزعة هيمنية التي يعيشها المشهد الوطني الصحافي والإعلامي .. ونظن أن النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، قد أعلنت على هوية اختيارها النقابي الذي ينسجم مع الواقع الهوياتي في الوطن، وتترقب إقدام كل مكونات هذا المشهد الصحافي والإعلامي الذي يجب أن تنتصر فيه قيم الشفافية والديمقراطية والحداثة والتنافسية المهنية والتعددية والحرية، بعيدا عن الممارسات الراهنة التي تأكد للجميع فشلها في تحقيق أبسط الأهداف التي تكرس حقيقة المشهد الصحافي والإعلامي الوطني الديمقراطي الحداثي الذي يتطلع إليه الجميع.
بعيدا عن الغلو في إثبات الذات والنفوذ على باقي مكونات المشهد النقابي في قطاع الاتصال، نؤكد لشركائنا جميعا أن العبرة في ترجمة الحضور والنضال والمكاسب، ليست دائما في الاحتماء بالرصيد النضالي، بل بتعزيزه وتقويته بالانفتاح على حقيقة المشاركين في الحقل النقابي والتعاون معهم على معالجة المشاكل والقضايا الشائكة والعالقة، والقبول بالاختلاف في الرأي والتحليل والمواقف، والرهان على ما يوحد الصف والجبهة النضالية ضد خصوم الحرية والحكامة في الممارسة المهنية الحرة والمستقلة في كل مجالات التعبير عنها، وحصر دور الدولة في الحماية والدعم فقط، والعناية بالعاملين وحماية الشغيلة في هذه الشركات والمقاولات الصحفية والإعلامية.
ليس عيبا القول بأن ما تم الاجتهاد فيه قانونيا لم يحمل جديدا، نظرا للأخطاء التي ارتكبت في مراحل صناعة المنطومة القانونية الجديدة .. لكن، يجب التعاطي معه لإصلاح وترميم وتجويد هذه المنظومة حتى تكون قادرة على الاستجابة للتطلعات المشروعة للفاعلين، وإعادة النظر فيما عجزت في الوصول إليه، والذي كانت له علاقة بسوء التنزيل الدستوري والغياب الكبير للفاعلين في الصياغة القانونية التي تحظى بثقة وموافقة كافة المهنيين .. ونعتقد في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أنه بالإمكان إصلاح ما أفسدته حكومة بن كيران التي مرر وزيرها السابق في الاتصال المنظومة بعيوبها عبر الأغلبية التي كان يتمتع بها حزبه في البرلمان، التي مكنته من الالتفاف على القوانين الجديدة وتمريرها بما هي عليه من أعطاب وتجاوزات واختلالات تضر بمصداقية المهن الصحفية والإعلامية، وبالعاملين على اختلاف مواقعهم المهنية، ولا تلتفت إلى أبسط ما تتطلع إليه مطالب الفاعلين، مهما كانت خلفياتهم السياسية وتوجهاتهم الأيديولوجية تحت ظل خيمة الوطن التي تجمع كافة المتدخلين في الحقل الصحافي والإعلامي، وبدون هذه الخطوات سيكون من الصعب تحقيق الانفراج في تجاوز أزمة قطاع الاتصال والارتقاء به، والكرة الآن في ملعب من يعتقدون أنهم المعنيون وحدهم بحاضر ومستقبل الصحافة والإعلام في مشهدنا النقابي الوطني.