هذه هي النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة .. !
من المؤكد، أن السؤال حول الهوية النقابية، الذي تقترحه النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، في مشروعها، لا يزال يثير النقاش بين أعضائها، وبين المهتمين بالشأن النقابي والإعلامي، حيث يطرح البعض، وله كامل المشروعية والحق في ذلك، من أن هذه النقابة، لم تأت بمشروع نقابي جديد، وأن سقف ما تتطلع إليه أن تكون فضاء للممارسة النقابية النزيهة والمستقلة عن لوبيات الضغط الحزبي والاقتصادي والإداري، وهذا ما تسلكه جميع النقابات على اختلاف مرجعياتها الإيديولوجية، وحول هذه القضية، نجد أن النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، تمتاز بحيوية جسدها التنظيمي، الذي لا يمكن للبيروقراطية التنظيمية أن تهيمن عليه، من خلال الهوية الإعلامية، كقوة منتجة وحية ومثقفة، ولا يمكن أن تكون مسلوبة الإرادة، أو خاضعة في سلوكاتها الفردية والجماعية للعقلية السلطوية، التي تحول بينها وبين الرفع من مستوى وعيها النقابي والسياسي والطبقي والمهني، الذي يوجه البيروقراطية النقابية، المهيمنة على الطبقة العاملة في باقي القطاعات الإنتاجية الصناعية .. التجارية .. الزراعية والإدارية، وهذا ما يحيلنا، إلى أن خصوصية واقع طبقة الصحافيين والإعلاميين، تتطلب تنظيما نقابيا مغايرا للأنماط السائدة، إلى جانب ما يقتضيه هذا الواقع من الشروط التي تجعل الممارسة النقابية مختلفة في قوانينها وقيمها و وظائفها .. وبالتالي، ينتقل بها من الطابع النقابي التقليدي إلى أن تكون فضاء للاجتهاد والإبداع والتنوير، الذي تذوب فيه الخصوصية في العقل الجمعي، الذي تصبح فيه تنظيما مدنيا، ومجتمعيا، فاعلا ومؤثرا في غيرها من الشرائح والمؤسسات، التي يقوم عليها محيطها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، الذي تنتمي إليه.
إذن، النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، إطار مدني .. مرن .. متحرك وفاعل، يسمح للمنخرطين فيه بالارتقاء بوعيهم النقابي، والسياسي والاجتماعي والثقافي، ويتيح لهم إمكانية تحويل الممارسة النقابية، إلى أوراش مفتوحة باستمرار، في جميع المجالات، انسجاما مع أهداف المهن الصحفية والإعلامية المتعددة الاختصاص، والتي تغطي كل جوانب اهتمامات الصحافيين والإعلاميين، ولعل متطلبات الواقع الصحفي والإعلامي في الفترة المعاصرة من خلال تحولاته السريعة أصبحت تفرض على الصحافيين والإعلاميين تطوير أدائهم المهني باستمرار، وهذا ما تختلف به النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة عن باقي النقابات، كما سطرت ذلك في قانونها الأساسي، الذي يؤكد على هذا التوجه في سلوكياتها المتفاعلة مع محيطها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، حيث تمثل رأيه العام، الحي والمتغير، وفق شروطه المتكيفة مع القوانين، التي تتحكم في صيرورته المادية والمعنوية، مما يجعلها قادرة على ترجمة هذا في مجالات الإخبار والمساءلة والتنوير، ليس من المركز فقط، بل من الهياكل التنظيمية الفرعية الإقليمية والجهوية، حيث يمكن لهذه التنظيمات، الاشتغال على برامجها الخاصة في استقلال عن المركز، ما دامت هذه البرامج الخاصة مستوحاة من مبادئ وقوانين وتوجهات النقابة، وساهم في إشعاعها وفي تطورها الذي ظل الانخراط فيه مفتوحا لكل الفعاليات المؤمنة برسالة النقابة، وتوجهها المذهبي، النقابي والمجتمعي، الذي تحرص على تأمينه باستمرار .. لذاك، إن الحديث عن هوية العمل النقابي، الذي يوجه النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، المطروح دائما للنقاش، وللنقد والمساءلة، يمثل نموذجا مختلفا عن غيره، ويسمح للمنخرطين بإمكانية تصحيحه وتطويره باستمرار، طالما أنه لا يريد أن يكون مجرد اسم في لائحة النقابات، التي تؤثث المشهد النقابي الوطني، وطالما أنه يسمح من جهة أخرى، بأن يكون في متناول من يريدون أن يكون قيمة مضافة جديدة في الواقع النقابي الأكثر نضجا وتطورا وتحررا ونشاطا في مجتمعه كتنظيم نقابي مدني .. مواطن .. مستقل وفاعل.
والمحصلة حول هوية النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، هي التأكيد على النمط التسييري، الذي تقترحه على الصعيد المركزي .. الجهوي والإقليمي، بالمقارنة مع النماذج السائدة في بقية القطاعات الإنتاجية والخدماتية، هذا النمط، الذي يتلاءم مع طبيعة القطاع الصحفي و الإعلامي المتنوع، وهذا ما جعل النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، تكون تنظيما مرنا وحيا، يُمكن منخرطيه من الحق في الإقدام على جميع المبادرات والأنشطة، التي تسمح بالارتقاء بالعمل النقابي من جهة، وبإغناء المنظور، الذي تشتغل عليه النقابة في جميع جوانب ممارستها، إلى جانب كون نشاطها المستقل عن كافة الشركاء والمنافسين في المجال يفتح للمنخرطين فيها العمل على إنضاج مواقفها والتوجهات التي تناضل من أجلها لصالح المهنيين، وباقي شرائح المجتمع الذي تنتمي إليه، مما يضمن تطورهم المهني والثقافي والسياسي والاجتماعي، وكذا النقابي.
على ضوء كل هذه التساؤلات، حول الهوية النقابية، نؤكد أن النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، نموذجية في إطارها التنظيمي، ونسقها المذهبي، الذي يتلاءم مع خصوصية العاملين في المهن الصحفية والإعلامية، الذين تبقى مسؤولية إغناء المشروع الذي تشتغل عليه النقابة متاحا أمامهم، في ظل الصيرورة المجتمعية الحتمية، حتى لا تتصلب الشرايين، وتشيخ الجينات، التي يقوم عليها جسد ومضمون النقابة، كما هو سائد في النماذج النقابية الأخرى، التي لم تعد قادرة على الإبداع والتحديث والتطور.