قد يكون للمواقف الأخيرة المعبر عنها من أجل تنظيم المشهد الصحفي والإعلامي وتنظيفه من الفيروسات المنحرفة المشبوهة، ومصداقية حماية الممارسة المهنية المطلوبة، وجانبا من الصحة والموضوعية التي يترقبها الجميع .. خصوصا، في إطار الانفلات الصحفي والإعلامي العشوائي الذي لا يريد أن ينظم نفسه ويقنن وجوده الذي تفاقم إلى المستوى الذي أصبحت فيه الإدانة متاحة لكل العاملين في مشهدنا الصحفي والإعلامي، الذي لا نختلف على ضرورة تطهيره وتخليق شروط ممارسته في كل أجناسه الإذاعية .. المرئية .. الورقية والإلكترونية حتى يحافظ على الدور المطلوب منه في الإخبار والمساءلة والتنوير.
إن الذي يتوعد اليوم الصحافيين والإعلاميين بأقصى العقوبات في المنظومة القانونية التي انفرد فيها مصطفى الخلفي، وزير الاتصال السابق بطبخها وفق منظور حزبه (العدالة والتنمية) الذي لا يؤمن بالحرية والديمقراطية إلا وفق ما تمنحهما في سيطرة وتمكين انتخابي وسلطوي جديد، سوف لا يتوفق في ذلك أبدا.
ولعل نضال النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، في هذه المعركة القانونية التي تخوضها، ولم تشارك إلى جانبها باقي الهيئات والجمعيات والروابط حتى تمرير هذه المنظومة القانونية المفبركة من خصوم الديمقراطية والحرية والحداثة، يحق لها أن تعلن أنها ماضية في التزامها بواجبها النضالي حتى إلغاء هذه المنظومة بالبديل القانوني الذي يتجاوب مع تطلعات جميع الفاعلين، بمن فيهم الذين يختلفون معها في الاختيار والمشروع النقابي الذي يوجهها.
إن الانفلات الصحفي والإعلامي السائد اليوم، الذي أصبح يرعب أصحاب القرار و الثروة والنفوذ لا يمكن القضاء عليه بتطبيق منظومة القوانين الجديدة المطعون في شرعيتها حتى من الأطراف التي شاركت في صياغتها من عموم الفاعلين الصحافيين والإعلاميين، نظرا للاختلالات والثغرات والأعطاب التي تضمنتها، التي تسمح بهذه الفوضى العبثية التي تجاوزت خطورتها سقف المقبول والمشروع في الكتابة الصحفية والإعلامية قانونيا ومهنيا، وفي نموذجنا المغربي الذي لا يزال يراوح مكانه بين القبول بشرعية مطالب الفاعلين ورفض أعداء حرية الصحافة والإعلام لتطوير مشهدنا الصحفي والإعلامي، وفق القيم والقواعد والقوانين التي تحقق ذلك، وتحافظ على الهوية الوطنية والمكاسب التي حصل عليها الصحفيون والإعلاميون حتى الآن، وفق قوانين الوطن والمتعارف عليها عالميا.
إن من يتحركون في الظلام لخلق الأزمة عبر التلويح بالعقوبات، يعرفون أنهم يتحركون بكل الوسائل لتصفية الحساب مع الصحافة والإعلام المواطن والمستقل والحر الذي كشف طبيعة الفشل الحكومي “البنكيراني” في تدبير الولاية التشريعية والحكومية السابقة .. ونظن في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن المنظومة القانونية التي مررت بأغلبيتهم البرلمانية انكشفت للداني والقاصي .. ولو كانت لهم ثقة في إمكانية تطبيقها لظلوا متمسكين بحقيبة الاتصال، كما أن مخططهم كان في إغراق خصومهم في الصراعات التي وفروا وقودها عبر هذه القوانين الزجرية .. ونظن أن الأحزاب التي قبلت تسيير حقيبتي العدل والاتصال في الحكومة الحالية تعرف طبيعة المؤامرة، ومن واجبها اليوم تبرئة نفسها من تركة هؤلاء الذي يمتلكون وعيا مضادا لتطلعات المغاربة في الارتقاء بالمجتمع الديمقراطي الحداثي الذي يقوده جلالة الملك محمد السادس حفظه اللـه بحكمة واقتدار.