حتى تظل المدرسة العمومية قاطرة للتأهيل وتكوين الرأسمال البشري ..!
لعله سؤال جميع المغاربة، الذين يؤدون الضرائب، حول واقع المدرسة العمومية والرهانات المعلقة عليها .. خصوصا، في تأهيل وتكوين الرأسمال البشري الذي يحتاج إليه الوطن في جميع القطاعات الإنتاجية والخدماتية .. ومن العدل والإنصاف أن ينصت المسؤولون عن قطاع التعليم .. وزارة ومجلس أعلى لنبض المغاربة اتجاه ما يتطلعون إليه وما يريدونه من قطاع التعليم، الذي يجتهد القطاع الخاص اليوم بكل الوسائل المتاحة له للقضاء على وجود واستمرار المدرسة المغربية العمومية، التي لا زالت رغم تخلف نظامنا التعليمي المثل الرئيسي لتأهيل وتكوين أبناء المغاربة حتى كتابة هذه السطور.
لا يختلف المغاربة عن أهمية الاستثمار في قطاع التعليم في ميزانية التسيير والاستثمار السنوية، وفي الآمال المعلقة على التحدي في هذا القطاع الخدماتي التنموي المرتبط بالرأسمال البشري، الذي يحتاج إليه المغرب، وبما يتفق عليه في الميزانية سنويا .. وبكيفية متواصلة بالرغم من عدم ملاءمة التكوين والتخرج في قطاع التعليم العام المفتوح، الذي يظل خريجوه بدون فرص للعمل ضمن طوابير العاطلين الحاملين للشهادات الجامعية والتكوين المهني الذي يتزايد عددهم باستمرار، إلى جانب المعطلين في سن الإنتاج والعمل الذين ارتفعت قاعدتهم في هرم السكان.
إن أهمية قطاع التعليم كقطاع سيادي إستراتيجي، تقتضي من الدولة والمجتمع زيادة الاستثمارات الموظفة في أسلاكه التعليمية، من الروض إلى الجامعة، بدل منح الترخيص للقطاع الخاص المغربي والأجنبي لامتلاك المؤسسات التعليمية التي تنهب في الوقت الراهن جيوب آباء وأولياء التلاميذ والطلبة من أجل مراكمة الأرباح للرأسمال الموظف فيها فقط، مما يفرض إعادة النظر في تشجيع الاستثمار في هذا القطاع، وتوجيه هذا الرأسمال للقطاعات الاقتصادية لتي تشغل المتخرجين من التعليم العمومي .. ونعتقد في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن الدولة مسؤولة على البنية التحتية وتكوين الأطر والاجتهاد في البرامج والمناهج التعليمية، بالتعاون مع المجلس الأعلى للتعليم المعني بالإستراتيجية التعليمية حتى سنة 2030، عبر اجتهادات لجنه وأعضائه وكافة الأجهزة الحكومية والنقابية والجمعوية والمهنية المختصة لتطوير المنظومة التعليمية بصفة عامة.
إذن، حتى تظل المدرسة العمومية قاطرة لتأهيل وتكوين الرأسمال البشري المواطن والمنتج، لا خيارات بديلة أمام كافة الأطرف المعنية بنظامنا التعليمي، بما في ذلك القطاع الخاص الذي يجب أن يتحلى بالروح المواطنة في تحديد أسعار ولوج مؤسساته الخاصة، وأن يساهم في عملية التمدرس والقضاء على الهذر المرسي، وأن تتوجه استثماراته إلى المناطق التي لم يصلها بعد الاستثمار التعليمي العمومي، وأن يدعم حاجيات المدرسة العمومية حتى تؤدي وظيفتها في أحسن الظروف.