حاورته الكاتبة الإعلامية: أ. خولة خمري
القبضة الأمنية لا تخلق استقراراً دائماً
معنا في هذا الحوار شخصية غنية عن التعريف .. شخصية ذاع صيتها في مجال حقوق الإنسان و العمل الخيري الميداني، حضرة السفير الدكتور علي برو، الحقوقي والناشط في العمل الخيري وحقوق الإنسان، وسفير النوايا الحسنة بالعديد من المنظمات الدولية من جمهورية لبنان الشقيقة.
* أهلا ومرحبا بك بيننا دكتور علي برو.
أهلا ومرحبا بك سيدتي حضرة الباحثة الإعلامية الجزائرية خولة خمري سعيد جدا بهذا الحوار.
* بداية دكتور علي كيف يمكن أن تقدم نفسك لنا ولقراء جريدة المستقلة بريس والمتتبعين للشأن الثّقافي والعمل الخيري والإنساني بالوطن العربي ..؟.
إنسان واقعي أنظر بعين ثاقبة لما يدور في المجتمع الذي يحيط بي وأتعايش معه، وكذلك مع بقية الشعوب والمجتمعات العربية التي أغلبها تعاني من الظلم والاضطهاد .. أنخرط في العمل الإنساني وفي مجال حقوق الإنسان والإنسانية و مدافع عن القضايا الاجتماعية وحماية الإنسان من الانتهاكات التي يتعرّض لها بأي شكلٍ يخالف القوانين الدولية.
* دكتور علي، هل بالإمكان أن نعرف من حضرتكم أهم الشخصيات التي أسهمت في تكوين شخصيتك وكان لها دور كبير في اتخاذك طريق العمل الإنساني كمسار في حياتك ..؟.
والدي رحمَه الله كان مؤسساً لمدرسة تربوية تُعنى بالفقراء وذوي الدخل المحدود وكان محبّاً للعمل الإنساني، يعطي ويساعد دون مقابل حتى غدا مثلي الأعلى وهو من شجّعني للانخراط في العمل الإنساني .
* دكتور، هناك عزوف كبير لدى شبابنا عن الانخراط في الجمعيات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني رغم الحاجة الماسة لهذه الطاقات، ما الذي يمكن أن يقوله الدكتور علي برو من خلال تجربتة في هذا الميدان لتشجيع الشباب على العمل الإنساني ..؟.
أشجّع كل شبابنا أن ينخرطوا في العمل الخيري والاجتماعي لما فيه من شعور وطنيّ، وأقول لهم إنّ العمل الإنساني يولّد في نفوسنا الشعور بالأمان والرقيّ ويحلّق بنا في فضاء الإنسانية لنصرة كل مظلوم أو جائع أو مشرّد.
* عفوا دكتور علي برو المتتبع للوضع بالوطن العربي، وخاصة بدول الربيع العربي يلاحظ انتشار الطائفية وبشكل كبير بسبب أمور كثيرة يعرفها العام والخاص، برأيك كيف يمكن أن نسهم سواء على مستوى منظمات المجتمع المدني أو على مستوى الحكومات
لنشر قيم التسامح ..؟
إن السلام هو أصل كلّ تقدّمٍ إنساني، ولنشر ثقافة السلام علينا تعزيز قيم السلام، ومنها الحوار والحرية والتسامح والاحترام، وذلك يؤدي إلى تعزيز التنمية المستدامة .. علينا العمل على تعزيز ثقافة السلام حتى يعمّ في كافة الأرجاء .. السلام الذي يأبى سفك الدماء ويرفض التدمير .. السلام الذي تعزِّزه المحبة ويعزِّز المحبة، وعلى جميع المنظمات والمجتمعات الإنسانية واجب ثابت تجاه نشر ثقافة السلام وتعزيز القيم الإنسانية ونشر المحبة والسلام والتعايش السلمي من أجل أن نحصد الأمان والسلام، وتذكير الناس بوصايا خالقهم من خلال توصيات جميع الديانات السماوية التي توصي الإنسان بأخيه الإنسان مها كان دينه وعرقه.
* برأيك دكتور علي، ما الأدوات الكفيلة التي تراها مناسبة وتقترحها على الحكومات أو المنظمات الناشطة بهذا الميدان لنشر قيم المواطنة وحب الوطن بين أبناء الشعب الواحد رغم اختلاف دياناتهم وتوجهاتهم الفكرية ..؟.
إنّ كثيرا من الأزمات الداخلية، سواء كانت مرتبطة بالإصلاح السياسي أو ظهور انقسامات طائفية أو قبلية لا يمكن مواجهتها بالحل الأمني فقط، فالقبضة الأمنية لا تخلق استقراراً دائماً، بل على العكس قد تكون نتائجها سلبية، لكن تعزيز قيم المواطنة على أسس المساواة وتكافؤ الفرص، يصبح أداة قوية لتعزيز الأمن للدول والمجتمعات .. هي رسالة مهمة ملقاة على عاتق دعاة السلام والمفكرين والمثقفين في البلد، وتبيان الحقائق وتوضيح الصور لما تنشره وسائل الإعلام المغرضة، أو يتم بثه من قبل الفضائيات المأجورة والتي تروج لخطابات عدائية من أجل الإبقاء على حالة التشتت والدمار من خلال سياسة الفوضى الخلاقة.
*ما الدور الذي سيكون لهذه الاستراتيجيات التي تسعون لتحقيقها في حفظ هوية أوطاننا التي تعتبر هاجس الحكومات العربية من خطابات التعصب والتطرف المقيت الذي انتشر في جسد الأمة كالداء العضال ..؟.
إنّ الأزمات الطائفية بكل مستوياتها لا تربح أحدا، وإن جميع الأطراف هم متضررون من تداعيات هذه الأزمات، وإننا جميعا مسؤولون ومطالبون للعمل من أجل وأد الفتن الطائفية ومعالجة موجباتها وآثارها، وإن لا خيار أمامنا جميعا إلا أوطاننا، ونسج علاقات إيجابية بين مختلف مكونات الوطن والمجتمع .. علينا بناء خطاب جديد قوامه الاعتدال والوسطية واحترام المكاسب الإنسانية والحضارية، وخطاب الاعتدال لا يمكن تعزيزه، وتعميق موجباته في الفضاء الاجتماعي بدون الحرية، فطريق الاعتدال الحقيقي هو في توسيع دائرة الحرية والحريات فهي الوسيلة الحضارية الكبرى لتجذير مفهوم الاعتدال في الوسط الاجتماعي والوطني، الجميع واع بتلك المخططات التي فشلت في بث الفتنة من خلال تزييف الحقائق، ولكننا ننصح الجميع بتوخي الحذر من فتن جديدة خارج نطاق الدين، لأن مخططات الأعداء لا تتوقف عند حد من الحدود.
* دكتور علي برو، باعتبارك سفير سلام بالعديد من المنظمات الدولية الناشطة في حقوق الإنسان، برأيك ما الذي يمكن أن تقدمه هذه المنظمات الدولية للعوائل بالمناطق المنكوبة بأوطاننا العربية، كريف أدلب مثلا، أو الموصل بالعراق بعد القضاء على داعش ..؟.
هذه المنظمات لديها واجب أساسي وضروري في نشر ثقافة السلام من خلال التأكيد على حقوق الإنسان وتطبيقها وتعزيز الجهود المبذولة من أجل حفظ السلام ونشر قيم التسامح والتآخي والمحبة.
* عفوا دكتور، وماذا عن تلك الآثار النفسية لدى الأطفال التي خلفتها داعش بعد تشرد العائلات وفقدان الأهالي، فالصور مفجعة حقيقة عن بعض القصص التي رويت لنا عبر مختلف وسائل الإعلام في هذا الإطار، ما الذي يمكن أن نقوم به ولن أقول لمحو تلك الآثار، بل لتخفيفها على الأقل ..؟.
التوحيد بين جميع مكونات الشعب، فبعد مرورهم بأزمات كثيرة فقد وعوا من خلالها أن الأعداء زرعوا الفتن من أجل التفرقة بين أبناء شعبنا بزرع بذور الطائفية، لذلك لا مناص لنا إلا أن نكون لحمة واحدة، فباجتماعنا نقوى .. وبتفرّقنا نضعف ونضمحل تدريجيا، وهو ما يريد أن يحققه العدو.
* دكتور علي، باعتبارك أشرفت على العديد من البرامج المندرجة في إطار حقوق الإنسان والسلام العالمي، كيف تقرأ المسار المستقبلي والوضع الحالي لحقوق الإنسان بالوطن العربي عامة و لبنان خاصة، باعتبارك مواطن لبناني ..؟.
منذ زمن طويل أصبحت أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني بمثابة معايير وأعراف راسخة تتيح للمرء أن يميِّز بين الحق والباطل، وتوفر مبادئ حقوق الإنسان إطاراً يمكننا من خلاله تفسير الأسباب التي تدفع إلى وصف ما نشهده بأنه باطل، كما تمنحنا هذه المبادئ أساساً قانونياً لمحاسبة الحكومات وللمطالبة بالتغيير .. نأمل في المستقبل أن تكون لحقوق الإنسان أهمية أكبر وتطبيقاً شاملا لكافة الحقوق ضمن المساواة والعدالة.
* دكتور علي علمنا بأنك خبير بالميدان الإعلامي وقدمت العديد من البرامج التدريبية في هذا الإطار، برأيك دكتور كيف يمكن أن يسهم الإعلام العربي في توحيد الصفوف وزرع قيم الحب والخير والسلام بين أبناء الوطن الواحد وأمتنا العربية والإسلامية عامة ..؟
الإعلام سلاح ذو حدين يصنع السلام وقد يصنع الحرب والدمار، الفارق فقط في آلية الاستخدام للإعلام أن يتم استخدامه لنشر التسامح والتعايش والمساواة بين جميع أفراد ومكونات المجتمع، فيكون الإعلام هو جسر التواصل لصناعة السلام، وأن لايتم استخدامه لنشر الكراهية والتمييز والإقصاء للآخر، فيكون الإعلام هو سلاح لإشعال الحرب والدمار .. قد يكون الإعلام عقبه كبيرة تمنع تحقيق السلام، وقد تكون أداة مساعدة لتحقيق السلام، وكيفية الاستخدام هي التي تحقق الهدف المنشود.
* دكتور علي، في نهاية حوارنا الشيق هذا نطرح عليكم سؤالا أخيرا وهو، ماهي نشاطاتكم المستقبلية القريبة لدعم النهوض بقيم حقوق الإنسان بالوطن العربي ..؟.
طبعا، نحن دائما في تواصل لعملنا الاجتماعي من خلال تقديم الخدمات الإنسانية وعقد المؤتمرات التي تعزّز العمل الخيري وتساهم في كسب الثقة، وذلك ليتسنى لرجال الأعمال الذين يؤيدون ويقومون بالأعمال الإنسانية أن يضاعفوا جهودهم في تعزيز العمل الإنساني وتطويره .