المغاربة واستحسان الزلزال التصحيحي في جميع القطاعات
مع توسع تداعيات الزلزال الإصلاحي الذي دشنه صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه اللـه، عقب افتتاح السنة التشريعية، وبداية تلمس نتائجه في الإعفاءات التي انطلقت بموظفي وزارة الداخلية، بدأ المواطنون يعبرون عن مساندتهم لهذا الاختبار الإصلاحي، ويثنون على القرارات التي مست كبار الموظفين الذين فشلوا في القيام بوظائفهم العمومية.
لم يقف رد الفعل الإيجابي اتجاه هذا الزلزال التقويمي إلى مباركة التنزيل الدستوري عبر تكريس مبدأ المسؤولية بالمحاسبة، من أجل رفع الإنتاجية وتخليق المرفق العمومي الذي يساهم استقبالا في تجويد مستوى الخدمات وارتقاء التعامل مع المواطنين، ومعالجة مشاكلهم في جميع القطاعات، ويحبذ الكثير من المواطنين ترجمة ربط المسؤولية بالمحاسبة حتى في القطاع الخاص الذي لا يزال بعض رجال الأعمال فيه لا يحترمون قوانين الوطن في التعامل مع مطالب العمال، وفي رفع جودة خدماتهم ومنتوجاتهم، ناهيك عن السلوكات “المافيوزية” في الأنشطة التي يمارسونها في مقاولاتهم الصناعية والتجارية والمالية والفلاحية.
ليس هناك شك في أن تفعيل جميع الإجراءات والتدابير الإصلاحية عبر إشعار الجميع بمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، ستكون له نتائج هائلة على تصور المواطنين للمسؤولية، وما يجب أن يكون عليه، سواء في القطاع العمومي أو الخاص، وستعجل أيضا بالرفع من المردودية المطلوبة من الممارسين للمسؤولية، وستمكن الوطن من تطويق الفجوة في نسب تطوره في جميع المجالات، وستخلق فرص الشغل والمنافسة في المسؤولية في القطاعين العام والخاص بين المسؤولين والمواطنين والعمال.
إن ثمار سياسة تفعيل هذا الزلزال الملكي، سيدعم من يناضلون من أجل الدمقرطة والحكامة والعدالة والتحرر والتطور المرغوب فيه، وستحرك بالأساس الهيئات والمؤسسات المعنية بتأهيل الرأسمال البشري الكفيل بترجمة جميع الرهانات والتطلعات .. ونظن في المستقلة بريس، لسان حال النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن الأحزاب والنقابات وجمعيات المجتمع المدني، ومؤسسات المجتمع من الأسرة حتى الدولة، سيكون عليها خلق أجواء التنافس في القيام بمهامها التأهيلية والتكوينية في مجالات تخصصها، وستمنح المغرب عدم هدر الزمن والوسائل المتاحة لتحقيق النهضة التنموية والتحررية التي يتطلع إليها المجتمع.
باختصار، إن استحسان المغاربة لتفعيل الزلزال الإصلاحي والتقويمي، سيترجم حقيقة مساواة المواطنين أمام القانون، ويفرمل السلوكات المكرسة للفوارق والامتيازات والفوضى السائدة، كما سيخلق عوامل التغيير الجذري للوطن، وترجمة جميع التطلعات في جميع القطاعات، ويقلص المسافة بيننا وبين المجتمعات التي تطورت وتخلصت من جميع عوامل العرقلة والفرملة والفساد التي يحلم البعض باستمرارها إلى الأبد، وسيمهد الطريق إلى إدراك المواطنين لطبيعة المسؤولية، وما يجب أن يكون عليه سلوكهم الفردي والجماعي والمؤسساتي اتجاهها، سواء كانوا في مواقع الإنتاج أو التشريع أو التنفيذ، وسيخلق في النهاية فضاء تكريس التخليق والترشيد الذي يطالب به الجميع.