الإسلام لا شأن له بالسياسة
د. الصديق بزاوي
إنه لمن الغريب أن يتنكر العلمانيون للطابع الشمولي للشريعة لإسلامية رغم كون كل علماء الإسلام ومفكريه الذين اطلعنا على مواقفهم ،” بل وحتى المستشرقون” و” الخواجات” يجمعون على أن للإسلام طابع شمولي، لأنه يشمل كل جوانب الحياة، فهو عقيدة وشريعة ـ علاقات فردية، وعلاقات جماعية، عبادة ومعاملة، سياسة داخلية ودولية .. وإن الطابع الشمولي للإسلام تؤكده النصوص الشرعية من قرآن وسنة، كما تؤكده النواة الأولى للأمة الإسلامية والتي أسسها الرسول صلى الله عليه وسلم، وتجارب المسلمين واجتهاداتهم في بناء دولة الشريعة وعلاقاتها مع غيرها من الدول والإمبراطوريات والطوائف.
النصوص الشرعية
القران الكريم
يقول العلي القدير في كتابه المبين مخاطبا رسوله صلى الله عليه وسلم:” ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين” (1) معنى ذلك أن القرآن قد بين للمسلمين كل الأمور المتعلقة بجوانب الحياة، بغية هدايتهم إلى سواء السبيل .. وكلمة ” كل شيء” قطعية الدلالة، وهي تعني جميع الأمور، سواء المعروفة لدينا اليوم أو التي قد نعرفها في المستقبل، وسواء كانت سياسية أو عقائدية أو غيرها.
كما أن الله سبحانه وتعالى جعل الإيمان الصحيح يشمل الإيمان بكل ما جاء في الذكر الحكيم ويحذر من الإيمان ببعض القرآن دون البعض الآخر، ويتوعد من يفعل ذلك بالعذاب ـ وقد يكون الجزء الذي يكفر به الإنسان وينكره هو الأحكام القرآنية المتعلقة بالشأن العام، في جانبه السياسي، وهذا ما يستفاد من قوله عز وجل:” أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض، فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب، وما الله بغافل عما تعملون”. 21)
والله العليم الحكيم، أمر بتطبيق شريعته كاملة على أرض الواقع من غير التأثر بالمصلحة الشخصية والنزوات الفردية واتباع هوى النفس، ومن غير أن يبالي بدعوات بعض الفئات التي لا تنسجم مصالحها وطموحاتها الفردية مع الشريعة الإسلامية الأزلية العالمية والتي قد تشكل تكتلات قوية أو ما يعرف حاليا باللوبيات ذات التأثير الخطير على القرار السياسي للدول، وكذلك الجماعات ذات التوجه العلماني والمتحالفين معها من حداثيين ويساريين، وكذلك ضغوطات الدول والمنظمات والمؤسسات الأجنبية والتي تتحكم أحيانا في تصريف أمور الناس السياسية والاقتصادية .. ويقول الله سبحانه قي هذا الصدد :” وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك” .. وفي مناسبة أخرى يقول العليم الخبير: “ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولائك هم الظالمون” — فسبحان أعلم العالمين – فكأن هذه الآيات تصف الوضع الراهن الذي تكاد تفقد فيه دويلات المسلمين سلطة اتخاذ القرار بسبب انبطاحها لقوى الاستكبار وحثها للحصول على رضاها ومباركتها رغم تحذيرالعلي القدير لمثل هذا السلوك بقوله سبحانه – ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولاتتبع أهواء الذين لايعلمون أنهم لم يغنوا من الله شيئا –
إن هذه الحجج المأخوذة من كتاب الله العزيز لاتدع مجالا للشك في الطابع الشمولي للقرآن الذي لايمكن أن يشكك فيه إلا من يتبع هواه أو الذي فتن بالحضارة المادية للغرب –
15 : د.بورهان الدين غليون (الاسلاميون والعلمانيون في المغرب) ص.122
1) ـ د. محمد عابد الجابري. الدين والدولة وتطبيق الشريعة ص112.مركز دراسات الوحدة العربية.
1) ـ ـ سورة البقرة. الآية: 85.
2) ـ ابن ماجة واحمد والحاكم.